للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهَا، فَقَالَتْ إنِّي أَكْرَهُ أَنْ لَا يَزَالَ يَدْخُلُ عَلَيَّ الرَّجُلُ بَعْدَ الرَّجُلِ، فَارْتَفَعُوا إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَخْبَرُوهُ الْقِصَّةَ فَرَفَعَ يَدَهُ، وَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَزَقْت ذَا الرُّقْعَتَيْنِ إذْ بَخِلَ عَلَيْهِ عُمَرُ فَقَالَ لَهُ لَئِنْ طَلَّقَهَا فَأَوْعَدَهُ، رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَحَرْبٌ عَنْهُ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَلَفْظُهُ فِي سُنَنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، وَنَدِمَ، وَبَلَغَ ذَلِكَ مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ فَقِيلَ لَهُ اُنْظُرْ رَجُلًا يُحَلِّلُهَا لَك وَكَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ لَهُ حَسَبٌ أُقْحِمَ إلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ مُحْتَاجًا لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ يَتَوَارَى بِهِ إلَّا رُقْعَتَيْنِ، رُقْعَةً يُوَارِي بِهَا فَرْجَهُ وَرُقْعَةً يُوَارِي بِهَا دُبُرَهُ، فَأَرْسَلُوهُ إلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ هَلْ لَك أَنْ نُزَوِّجَك امْرَأَةً فَتَدْخُلَ عَلَيْهَا فَتَكْشِفَ عَنْهَا خِمَارَهَا ثُمَّ تُطَلِّقَهَا، وَنَجْعَلُ لَك عَلَى ذَلِكَ جُعْلًا، قَالَ نَعَمْ، فَزَوَّجُوهُ فَدَخَلَ عَلَيْهَا وَهُوَ شَابٌّ صَحِيحُ الْحَسَبِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى الْمَرْأَةِ فَأَصَابَهَا فَأَعْجَبَهَا، فَقَالَتْ لَهُ أَعِنْدَك خَيْرٌ قَالَ نَعَمْ هُوَ حَيْثُ تُحِبِّينَ جَعَلَهُ اللَّهُ فِدَاهَا، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ فِي كِتَابِهِ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ قَدِمَ رَجُلٌ مَكَّةَ وَمَعَهُ إخْوَةٌ لَهُ صِغَارٌ وَعَلَيْهِ إزَارٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ رُقْعَةٌ وَمِنْ خَلْفِهِ رُقْعَةٌ، فَسَأَلَ عُمَرَ فَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ، إذْ نَزَعَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ فَطَلَّقَهَا، فَقَالَ لَهَا هَلْ لَك أَنْ تُعْطِينَ ذَا الرُّقْعَتَيْنِ شَيْئًا، وَيُحِلَّك لِي قَالَتْ نَعَمْ إنْ شِئْت، فَأَخْبَرُوهُ ذَلِكَ، قَالَ نَعَمْ، فَتَزَوَّجَهَا فَدَخَلَ بِهَا فَلَمَّا أَصْبَحَتْ أَدْخَلَتْ إخْوَتَهُ الدَّارَ فَجَاءَ الْقُرَشِيُّ يَحُومُ حَوْلَ الدَّارِ وَيَقُولُ يَا وَيْلَهُ غَلَبَ عَلَيَّ امْرَأَتِي، فَأَتَى عُمَرَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ غُلِبْتُ عَلَى امْرَأَتِي. قَالَ مَنْ غَلَبَك، قَالَ ذُو الرُّقْعَتَيْنِ، قَالَ أَرْسِلُوا إلَيْهِ فَلَمَّا جَاءَ الرَّسُولُ قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ كَيْفَ مَوْضِعُك مِنْ قَوْمِك، قَالَ لَيْسَ بِمَوْضِعِي بَأْسٌ، قَالَتْ إنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ لَك أَتُطَلِّقُ امْرَأَتَك فَقُلْ وَاَللَّهِ لَا أُطَلِّقُهَا، فَإِنَّهُ لَا يُكْرِهُك، وَأَلْبَسَتْهُ حُلَّةً، فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ مِنْ بَعِيدٍ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي شَرَّفَ ذَا الرُّقْعَتَيْنِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ أَتُطَلِّقُ امْرَأَتَك قَالَ لَا وَاَللَّهِ لَا أُطَلِّقُهَا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ لَوْ طَلَّقْتهَا لَأَوْجَعْت رَأْسَك بِالسَّوْطِ.

فَهَذَا عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ شَرَطَ تَقَدُّمَ الْعَقْدِ وَقَدْ حَكَمَ عُمَرُ بِصِحَّتِهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ صَارَتْ الْمَسْأَلَةُ خِلَافًا فِي الصَّحَابَةِ، وَرُبَّمَا حَمَلْنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ عَلَى الشَّرْطِ الْمَقْرُونِ بِالْعَقْدِ لِتَتَّفِقَ رِوَايَتَاهُ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ سِيرِينَ قَالَ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَجُلٍ فَزَوَّجَتْهُ نَفْسَهَا لِيُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا، فَأَمَرَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهَا وَلَا يُطَلِّقَهَا، وَأَوْعَدَهُ أَنْ يُعَاقِبَهُ إنْ طَلَّقَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>