لِلْأَوَّلِ إذَا فَارَقَهَا، وَهُمْ يُرِيدُونَ الِاسْتِحْلَالَ، وَإِنَّمَا دَرَأَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْعُقُوبَةَ مَعَ أَنَّهُ قَالَ لَا أُوتَى بِمُحَلِّلٍ إلَّا رَجَمْته.؛ لِأَنَّهُ أَعْرَابِيٌّ جَدِيرٌ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ.
وَثَالِثُهَا: أَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا لَهُ طَلِّقْهَا قَالَ الْأَمْرُ إلَيْهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَقَامَهُ مَشْرُوطٌ وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ لُزُومِ النِّكَاحِ وَصِحَّتِهِ. وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ قَدْ رَوَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعَثَ الْمَرْأَةَ لِوَاسِطَةٍ بَيْنَهُمَا الَّتِي تُسَمَّى الدَّلَّالَةَ، وَنَكَّلَ بِهَا وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا فَعَلَتْ مَا لَا يَحِلُّ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ هَذَا الْأَثَرَ لَيْسَ فِيهِ عَوْدُهَا إلَى الْمُطَلِّقِ بَلْ فِيهِ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ، وَلَيْسَ فِيهِ دَوَامُ نِيَّةِ التَّحْلِيلِ بَلْ فِيهِ أَنَّهُ صَارَ نِكَاحَ رَغْبَةٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ تَحْلِيلًا فَإِنْ كَانَ بِنِكَاحٍ مُسْتَأْنَفٍ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ كَانَ بِاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ فَهَذَا مِمَّا قَدْ يَسُوغُ فِيهِ الْخِلَافُ، كَمَا فِي النِّكَاحِ بِدُونِ إذْنِ الْمَرْأَةِ أَوْ نِكَاحِ الْعَبْدِ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَشِرَائِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ مَرْدُودٌ أَوْ مَوْقُوفٌ، وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَقُولُ: إنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ إذَا حُذِفَ بَعْدَ الْعَقْدِ صَحَّ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُخَرَّجًا عَلَى هَذَا، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ قَدْ اخْتَلَفَتْ فِيهِ، وَنِيَّةُ التَّحْلِيلِ كَاشْتِرَاطِهِ، فَيَكُونُ هَذَا الشَّرْطُ الْفَاسِدُ إنْ حُذِفَ صَحَّ الْعَقْدُ وَإِلَّا فَسَدَ، وَإِذَا حُمِلَ الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا فَهُوَ مَحَلُّ اخْتِلَافٍ فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُحَلِّلِ، وَلِهَذَا لَمَّا أَفْتَى أَحْمَدُ فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ بِأَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ حَدَثَ لَهُ رَغْبَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ وَكَمَا فَعَلَ عُثْمَانُ وَقَالَهُ ابْنُ عُمَرَ، اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ عُمَرَ هَذَا، فَأَجَابَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْنَدٍ فَلَا يُعَارِضُ الْآثَارَ الْمُسْنَدَةَ، وَإِنَّمَا اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الْآثَارِ قَدْ اخْتَلَفَتْ فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ، هَلْ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا بِهِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهَا اخْتَلَفَتْ فِي صِحَّةِ أَصْلِ النِّكَاحِ وَلَا فِي جَوَازِ عَوْدِهَا إلَى الْأَوَّلِ بِالتَّحْلِيلِ، وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْحِكَايَةُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ مِنْ الْإِسْنَادِ وَالِاحْتِمَالِ لَمْ تُعَارِضْ مَا عُرِفَ مِنْ كَلَامِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُهُ، وَمَنْ سَمِعَهُ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِ الْمَدِينَةِ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ قَدْ يَقَعُ فِيهِ الْتِبَاسٌ، مَا رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ ثِنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ قُلْت لِإِبْرَاهِيمَ هَلْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَلَّلَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ، فَقَالَ لَا إنَّمَا كَانَتْ لِرَجُلٍ امْرَأَةٌ ذَاتُ حَسَبٍ وَمَالٍ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا تَطْلِيقَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَبَانَتْ مِنْهُ، ثُمَّ إنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute