طَرَفَيْهِ إذَا لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِالْعَقْدِ، وَهُوَ إلَى سَتْرِ مَنْكِبَيْهِ أَحْوَجُ، فَرَخَّصَ لَهُ عَقْدَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِلَا رَيْبٍ.
وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَذْكُرْ فِيمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ، وَمَا يُنْهَى عَنْهُ، لَفْظًا عَامًّا يَتَنَاوَلُ عَقْدَ الرِّدَاءِ، بَلْ «سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَّا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ فَقَالَ: لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ، وَلَا الْبَرَانِسَ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْخِفَافَ، إلَّا مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ. . .» الْحَدِيثَ.
فَنَهَى عَنْ خَمْسَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الثِّيَابِ الَّتِي تُلْبَسُ عَلَى الْبَدَنِ، وَهِيَ الْقَمِيصُ، وَفِي مَعْنَاهُ الْجُبَّةُ وَأَشْبَاهُهَا، فَإِنَّهُ لَمْ يُرِدْ تَحْرِيمَ هَذِهِ الْخَمْسَةِ فَقَطْ، بَلْ أَرَادَ تَحْرِيمَ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ، وَنَبَّهَ عَلَى كُلِّ جِنْسٍ بِنَوْعٍ مِنْهَا، وَذَكَرَ مَا احْتَاجَ الْمُخَاطَبُونَ إلَى مَعْرِفَتِهِ، وَهُوَ مَا كَانُوا يَلْبَسُونَهُ غَالِبًا. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ: مَا ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ سُئِلَ قَبْلَ ذَلِكَ عَمَّنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ فَقَالَ: انْزِعْ عَنْك الْجُبَّةَ، وَاغْسِلْ عَنْك أَثَرَ الْخَلُوقِ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِك مَا كُنْت صَانِعًا فِي حَجِّك» .
وَكَانَ هَذَا فِي عُمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَعُلِمَ أَنَّ تَحْرِيمَ الْجُبَّةِ كَانَ مَشْرُوعًا قَبْلَ هَذَا وَلَمْ يَذْكُرْهَا بِلَفْظِهَا فِي الْحَدِيثِ. وَأَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ: وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ» . وَفِي مُسْلِمٍ «وَوَجْهَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» . فَنَهَاهُمْ عَنْ تَخْمِيرِ رَأْسِهِ لِبَقَاءِ الْإِحْرَامِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا، كَمَا أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يُقَرِّبُوهُ طِيبًا، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُحْرِمَ يُنْهَى عَنْ هَذَا وَهَذَا.
وَإِنَّمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ لُبْسِ الْعَمَائِمِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute