بِرَأْيِهِ، يُجَادِلُ السُّمَنِيَّةَ وَهُمْ شَبَهُ الْمَجُوسِ يَعْتَقِدُونَ الْأَصْنَامَ، فَكَلَّمَهُمْ فَأَخْرَجُوهُ حَتَّى تَرَكَ الصَّلَاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَا يَعْرِفُ رَبَّهُ وَكَلَامُهُمْ يَدْعُو إلَى الزَّنْدَقَةِ، وَكَلَامُهُمْ وَضَعْنَاهُ لِغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْبَصَرِ، فَمَالُوا آخَرَ أَمْرِهِمْ إلَى الزَّنْدَقَةِ، وَالرَّجُلُ إذَا رَسَخَ فِي كَلَامِهِمْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَاتَّبَعَ الشَّهَوَاتِ وَكَانَ أَبُو الْجَوْزَاءِ صَاحِبَ جَهْمٍ، وَكَانَ أَقْوَى فِي أَمْرِهِمْ مِنْ جَهْمٍ فِيمَا بَلَغَنَا، وَكَانَ يَسْكُنُ الْغَارِيَاتِ، وَأَخْبَرَنَا أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِهَا مِنْ صَالِحِيهِمْ أَنَّهُ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَشَرِبَ الْخَمْرَ، وَاتَّبَعَ الشَّهَوَاتِ، وَأَفْسَدَ عَالَمًا مِنْ النَّاسِ فَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الضَّلَالَةِ بَعْدَ الْهُدَى، مَا أَعْلَمُ مِمَّنْ تَكَلَّمَ فِي الْإِسْلَامِ قَوْمًا أَخْبَثَ مِنْ كَلَامِهِمْ.
الْقُرْآنُ كُلُّهُ نَقْضٌ عَلَى كَلَامِهِمْ، وَبَلَغَنَا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إنَّ مَا يُفْسِدُ عَلَيْنَا كَلَامَنَا الْقُرْآنُ وَيُكَسِّرُهُ، لَا يَرَوْنَ أَنَّ فِي السَّمَاءِ سَاكِنًا، وَذَكَرَ طَوْفًا مِنْ كَلَامِهِمْ ثُمَّ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ: إنَّا لَنَحْكِي كَلَامَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَحْكِيَ كَلَامَ الْجَهْمِيَّةِ وَقَالَ فِي شَعْرٍ لَهُ:
وَلَا أَقُولُ بِقَوْلِ الْجَهْمِ إنَّ لَهُ ... قَوْلًا يُضَارِعُ قَوْلَ الشِّرْكِ أَحْيَانَا
ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ وَاصِلٍ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ - حَدَّثَنَا ابْنُ صَالِحٍ قَالَ: لَقِيتُ جَهْمًا فَقُلْتُ: نَطَقَ اللَّهُ؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ: فَهُوَ يَنْطِقُ؟ قَالَ: لَا قُلْتُ: فَمَنْ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} [غافر: ١٦] وَمِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: ١٦] . قَالَ: إنَّهُمْ زَادُوا فِي الْقُرْآنِ وَنَقَصُوا مِنْهُ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالْخَلَّالُ وَغَيْرُهُمَا عَنْ ابْنِ شَوْذَبٍ: تَرَكَ جَهْمٌ الصَّلَاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَكَانَ فِيمَنْ خَرَجَ مَعَ الْحَارِثِ بْنِ سُرَيْجٍ، وَعَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيِّ وَذَكَرَ جَهْمًا فَقَالَ: قَبَّحَ اللَّهُ جَهْمًا حَدَّثَنِي ابْنُ عَمٍّ لِي أَنَّهُ شَكَّ فِي اللَّهِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا.
وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ خَلْقِ الْأَفْعَالِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ: كُنَّا يَوْمًا عِنْدَ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيِّ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ حَدِيثِ الرُّؤْيَةِ فَلَمْ يُحَدِّثْهُ بِهِ، قَالَ: إنْ لَمْ تُحَدِّثْنِي بِهِ فَأَنْتَ جَهْمِيٌّ. فَقَالَ مَرْوَانُ: أَتَقَوَّلُ لِي جَهْمِيٌّ وَجَهْمٌ مَكَثَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً لَا يَعْرِفُ رَبَّهُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ ضَمْرَةُ بْنُ شَوْذَبٍ: تَرَكَ جَهْمٌ الصَّلَاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا عَلَى وَجْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute