للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ لَمْ يَلْحَظْ الْمَعَانِيَ مِنْ خِطَابِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَا يَفْهَمُ تَنْبِيهَ الْخِطَابِ وَفَحْوَاهُ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ كَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ إنَّ قَوْلَهُ: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣] . لَا يُفِيدُ النَّهْيَ عَنْ الضَّرْبِ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ دَاوُد، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَزْمٍ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الضَّعْفِ، بَلْ وَكَذَلِكَ قِيَاسُ الْأَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ الْخِطَابُ، لَكِنْ عُرِفَ أَنَّهُ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِنْ الْمَنْطُوقِ بِهَذَا، فَإِنْكَارُهُ مِنْ بِدَعِ الظَّاهِرِيَّةِ الَّتِي لَمْ يَسْبِقْهُمْ بِهَا أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ، فَمَا زَالَ السَّلَفُ يَحْتَجُّونَ بِمِثْلِ هَذَا.

وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ إذَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ كَرَّرَهَا ثَلَاثًا، قَالُوا: مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ» فَإِذَا كَانَ هَذَا بِمُجَرَّدِ الْخَوْفِ مِنْ بَوَائِقِهِ، فَكَيْفَ فِعْلُ الْبَوَائِقِ مَعَ عَدَمِ أَمْنِ جَارِهِ مِنْهُ، كَمَا فِي الصَّحِيحِ: عَنْهُ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: «أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلْقَك. قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَك. قِيلَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِك» .

<<  <  ج: ص:  >  >>