للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيُّ شَيْءٍ يَقُولُونَ لَا يَقُولُونَ أَسْمَاءُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ فَقَدْ كَفَرَ، لَمْ يَزَلْ اللَّهُ تَعَالَى قَدِيرًا عَلِيمًا عَزِيزًا حَكِيمًا سَمِيعًا بَصِيرًا، لَسْنَا نَشُكُّ أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ لَيْسَتْ بِمَخْلُوقَةٍ، وَلَسْنَا نَشُكُّ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ لَيْسَ مَخْلُوقٍ وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَلَمْ يَزَلْ اللَّهُ مُتَكَلِّمًا.

ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَأَيُّ أَمْرٍ أَبْيَنَ مِنْ هَذَا، وَأَيُّ كُفْرٍ أَكْفَرُ مِنْ هَذَا إذَا زَعَمُوا أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ، فَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ، وَأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ وَلَكِنَّ النَّاسَ يَتَهَاوَنُونَ بِهَذَا وَيَقُولُونَ إنَّمَا يَقُولُونَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَيَتَهَاوَنُونَ بِهِ وَيَظُنُّونَ أَنَّهُ هَيِّنٌ وَلَا يَدْرُونَ مَا فِيهِ مِنْ الْكُفْرِ. قَالَ وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أَبُوحَ بِهَا لِكُلِّ أَحَدٍ وَهُمْ يَسْأَلُونَنِي فَأَقُولُ إنِّي أَكْرَهُ الْكَلَامَ فِي هَذَا، فَيَبْلُغُنِي أَنَّهُمْ يَدَّعُونَ عَلَيَّ أَنِّي أُمْسِكُ قَالَ الْأَثْرَمُ فَقُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَمَنْ قَالَ إنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ وَقَالَ لَا قَوْلَ إنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ وَلَا عِلْمُهُ لَمْ يَرُدَّ عَلَى هَذَا أَقُولُ هُوَ كَافِرٌ؟ فَقَالَ: هَكَذَا هُوَ عِنْدَنَا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَنَحْنُ نَحْتَاجُ أَنْ نَشُكَّ فِي هَذَا الْقُرْآنِ، عِنْدَنَا فِيهِ أَسْمَاءُ اللَّهِ، وَهُوَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ، فَمَنْ قَالَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ عِنْدَنَا كَافِرٌ.

ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا خَالِدٍ وَمُوسَى بْنَ مَنْصُورٍ وَغَيْرَهُمَا يَجْلِسُونَ فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ فَيَعِيبُونَ قَوْلَنَا وَيَدَّعُونَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ أَنْ لَا يُقَالَ مَخْلُوقٌ وَلَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَيَعِيبُونَ مَنْ يُكَفِّرُ وَيَقُولُونَ إنَّا نَقُولُ بِقَوْلِ الْخَوَارِجِ، ثُمَّ تَبَسَّمَ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ كَالْمُغْتَاظِ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِعَبَّاسٍ وَذَاكَ السِّجِسْتَانِيُّ الَّذِي عِنْدَكُمْ بِالْبَصْرَةِ ذَاكَ الْخَبِيثُ بَلَغَنِي أَنَّهُ قَدْ وَضَعَ فِي هَذَا أَيْضًا، يَقُولُ لَا أَقُولُ مَخْلُوقٌ وَلَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ، ذَاكَ خَبِيثٌ ذَاكَ الْأَحْوَلُ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: كَانَ يَقُولُ مَرَّةً بِقَوْلِ جَهْمٍ ثُمَّ صَارَ إلَى أَنْ يَقُولَ بِهَذَا الْقَوْلِ.

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: مَا بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ جَهْمٌ إلَّا السَّاعَةَ.

فَقَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ إذَا زَعَمُوا أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ وَأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ، يُبَيِّنُ أَنَّ الْعِلْمَ الَّذِي تَضْمَنَّهُ الْقُرْآنُ دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى الْقُرْآنِ.

وَقَدْ نَبَّهْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى أَنَّ كُلَّ كَلَامٍ حَقٌّ فَإِنَّ الْعِلْمَ أَصْلُ مَعْنَاهُ، فَإِنْ كَانَ قَدْ يَنْضَمُّ إلَى الْعِلْمِ مَعْنَى الْحُبِّ وَالْبُغْضِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ خَبَرٌ أَوْ طَلَبٌ أَمَّا الْخَبَرُ الْحَقُّ فَإِنَّ مَعْنَاهُ عِلْمٌ بِلَا رَيْبٍ، وَأَمَّا الْإِنْشَاءُ كَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَإِنَّهُ مَسْبُوقٌ بِتَصَوُّرِ الْمَأْمُورِ وَالْمَأْمُورِ

<<  <  ج: ص:  >  >>