للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّه مَخْلُوقٌ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ حَتَّى خَلَقَهُ، وَكَمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيِّ قَالَ: دَخَلْت عَلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَا وَأَبِي فَقَالَ لَهُ أَبِي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ قَالَ الْقُرْآنُ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ، وَمَنْ قَالَ إنَّ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ شَيْئًا مَخْلُوقًا فَقَدْ كَفَرَ.

ذَكَرَ ذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ الْجَهْمِيَّةِ مَنْ يَقُولُ عِلْمُ اللَّهِ بَعْضُهُ مَخْلُوقٌ وَبَعْضُهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَقَدْ يَقُولُ إنَّ اللَّهَ وَإِنْ جَعَلَ الْقُرْآنَ مِنْ عِلْمِهِ فَبَعْضُ ذَلِكَ مَخْلُوقٌ.

كَمَا رَوَى الْخَلَّالُ عَنْ الْمَيْمُونِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قُلْتُ مَنْ قَالَ كَانَ اللَّهُ وَلَا عِلْمَ؟ فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ تَغَيُّرًا شَدِيدًا وَأَكْبَرَ غَيْظَهُ ثُمَّ قَالَ لِي: كَافِرٌ، وَقَالَ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ أَزْدَادُ فِي الْقَوْمِ بَصِيرَةً.

قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلِمْتُ أَنَّ بِشْرًا الْمَرِيسِيَّ كَانَ يَقُولُ الْعِلْمُ عِلْمَانِ فَعِلْمٌ مَخْلُوقٌ وَعِلْمٌ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ فَهَذَا أَيُّ شَيْءٍ يَكُونُ هَذَا؟ قُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَيْفَ يَكُونُ إذَا قَالَ لَا أَدْرِي أَيَكُونُ عِلْمُهُ كُلُّهُ بَعْضُهُ مَخْلُوقٌ وَبَعْضُهُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ لَا أَدْرِي كَيْفَ ذَا بِشْرٌ كَذَا كَانَ يَقُولُ وَتَعَجَّبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ تَعَجُّبًا شَدِيدًا وَرُوِيَ عَنْ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قُلْت لِابْنِ الْحَجَّامِ - يَعْنِي يَوْمَ الْمِحْنَةِ - مَا تَقُولُ فِي عِلْمِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: مَخْلُوقٌ فَنَظَرَ ابْنُ رَبَاحٍ إلَى ابْنِ الْحَجَّامِ نَظَرًا مُنْكِرًا عَلَيْهِ لَمَّا أَسْرَعَ، فَقُلْت لِابْنِ رَبَاحٍ أَيُّ شَيْءٍ تَقُولُ أَنْتَ فَلَمْ يَرْضَ مَا قَالَ ابْنُ الْحَجَّامِ فَقُلْت لَهُ كَفَرْت قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: إنَّ اللَّهَ كَانَ لَا عِلْمَ لَهُ فَهَذَا الْكُفْرُ بِاَللَّهِ، وَقَدْ كَانَ الْمَرِيسِيِّ يَقُولُ إنَّ عِلْمَ اللَّهِ وَكَلَامَهُ مَخْلُوقٌ وَهَذَا الْكُفْرُ بِاَللَّهِ.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ سَمِعْت أَبِي يَقُولُ: مَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ عِنْدَنَا كُفْرٌ لِأَنَّ الْقُرْآنَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ وَفِيهِ أَسْمَاءُ اللَّهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [آل عمران: ٦١] .

وَعَنْ الْمَرُّوذِيِّ سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَمَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْحُجَّةُ {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} [آل عمران: ٦١] الْآيَةَ وَقَالَ: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: ١٤٥]

<<  <  ج: ص:  >  >>