للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعُونَ بَلْ يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يُخَالِفُ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي سَمَّاهُ هَؤُلَاءِ الْجَهْمِيَّةُ تَوْحِيدًا وَلِهَذَا مَا زَالَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ. كَمَا رَوَى الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ فِي ذَمِّ الْكَلَامِ، قَالَ سَمِعْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ جَابِرًا السُّلَمِيُّ، قَالَ سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ عَقِيلِ بْنِ الْأَزْهَرِ الْفَقِيهَ يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إلَى الْمُزَنِيّ فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْكَلَامِ، فَقَالَ إنِّي أَكْرَهُ هَذَا بَلْ أَنْهَى عَنْهُ كَمَا نَهَى عَنْهُ الشَّافِعِيُّ، وَلَقَدْ سَمِعْت الشَّافِعِيَّ يَقُولُ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْكَلَامِ فِي التَّوْحِيدِ قَالَ مَالِكٌ مُحَالٌ أَنْ يُظَنَّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ عَلَّمَ أُمَّتَهُ الِاسْتِنْجَاءَ وَلَمْ يُعَلِّمْهُمْ التَّوْحِيدَ بِالتَّوْحِيدِ مَا قَالَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» فَمَا عُصِمَ بِهِ الدَّمُ وَالْمَالُ فَهُوَ حَقِيقَةُ التَّوْحِيدِ ذَلِكَ مَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو إسْمَاعِيلَ الْأَنْصَارِيُّ فِي كِتَابِ ذَمِّ الْكَلَامِ وَالشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ فِي كِتَابِ الْفُصُولُ فِي الْأُصُولِ.

وَرَوَى أَيْضًا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَمِنْ طَرِيقِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ الْفَقِيهُ بِمَرْوَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ أَيُّوبَ الْعَلَّافُ النَّجِيبِيُّ بِمِصْرَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَمِعْت مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ إيَّاكُمْ وَالْبِدَعَ قِيلَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَمَا الْبِدَعُ، قَالَ أَهْلُ الْبِدَعِ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَكَلَامِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَلَا يَسْكُتُونَ عَمَّا سَكَتَ عَنْهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ.

وَرَوَيَا أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ أَيْضًا الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَطَرٍ سَمِعْت شُكْرًا سَمِعْت أَبَا سَعِيدٍ الْبَصْرِيَّ سَمِعْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ دَخَلْت عَلَى مَالِكٍ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ الْقُرْآنِ فَقَالَ لَعَلَّك مِنْ أَصْحَابِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ لَعَنَ اللَّهُ عَمْرًا فَإِنَّهُ ابْتَدَعَ هَذِهِ الْبِدَعَ مِنْ الْكَلَامِ وَلَوْ كَانَ الْكَلَامُ عِلْمًا لَتَكَلَّمَ فِيهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ كَمَا تَكَلَّمُوا فِي الْأَحْكَامِ وَالشَّرَائِعِ وَلَكِنَّهُ بَاطِلٌ يَدُلُّ عَلَى بَاطِلٍ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي رَدِّ الْكَلَامِ وَالتَّوْحِيدِ الَّذِي كَانَ تَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْجَهْمِيَّةِ وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بِخِلَافِ مَا رُوِيَ مِنْ الْآثَارِ الصَّحِيحَةِ فِي الصِّفَاتِ وَالتَّوْحِيدِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يُنْكِرُوهُ إنَّمَا أَنْكَرُوا الْكَلَامَ وَالتَّوْحِيدَ الْمُبْتَدَعَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَكَلَامِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>