للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالضَّلَالِ أَنَّهُمْ الْمُحِقُّونَ، أَوْ أَنَّهُمْ أَهْلُ اللَّهِ أَوْ أَهْلُ التَّحْقِيقِ أَوْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ حَتَّى تُوقَفَ هَذِهِ الْمَعَانِي عَلَيْهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَيَكُونُونَ فِي الْحَقِيقَةِ إلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ أَقْرَبَ، وَإِلَى الْإِبْطَالِ أَقْرَبَ مِنْهُمْ إلَى التَّحْقِيقِ بِكَثِيرٍ، فَهَؤُلَاءِ لَهُمْ شَبَهٌ قَوِيٌّ بِمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ عَنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ قَوْلِهِ: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: ١١١] {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: ١١٢] {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [البقرة: ١١٣] . وقَوْله تَعَالَى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [المائدة: ١٨] .

الثَّانِي: أَنَّهُ ذَكَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ اتَّبَعُوا السَّمْعَ وَالشَّرْعَ، وَهُوَ قَدْ ذَكَرَ فِي أَحْوَالِهِمْ الَّتِي بِهَا صَارُوا أَهْلَ الْحَقِّ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ لِلَّهِ صِفَةً بِالسَّمْعِ، بَلْ إنَّمَا تَثْبُتُ صِفَاتُهُ بِالْعَقْلِ الْمُجَرَّدِ، وَأَنَّ الَّذِينَ أَثْبَتُوا مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ مِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُ بِالْعَقْلِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُ بِالسَّمْعِ، وَرَدَّ هُوَ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ، فَأَيُّ اتِّبَاعٍ لِلسَّمْعِ وَالشَّرْعِ إذَا لَمْ يَثْبُتْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ بِالشَّرْعِ؟ بَلْ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ فِيمَا أَثْبَتُوهُ وَنَفَوْهُ مِنْ الصِّفَاتِ، فَأَئِمَّتُهُمْ كَانُوا يُثْبِتُونَ الصِّفَاتِ بِالسَّمْعِ وَالْعَقْلِ، أَوْ بِالسَّمْعِ وَيَجْعَلُونَ الْعَقْلَ مُؤَكِّدًا فِي الْفَهْمِ فِي ذَلِكَ، فَأَيْنَ اتِّبَاعُهُمْ لِلسَّمْعِ وَالشَّرْعِ وَقَدْ عَزَلُوهُ عَنْ الْحُكْمِ بِهِ وَالِاحْتِجَاجِ بِهِ وَالِاسْتِدْلَالِ بِهِ.

وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ: يَشْتَدُّ نَكِيرُهُمْ عَلَى مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى إنْكَارِ مَأْثُورِ الْأَخْبَارِ وَالْمُسْتَفِيضِ مِنْ الْآثَارِ، فَيُقَالُ لَهُ: إذَا لَمْ يُسْتَفَدْ مِنْهَا ثُبُوتُ مَعْنَاهَا فَأَيُّ إنْكَارٍ لَهَا أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ وَأَنْتَ قَدْ ذَكَرْت إعْرَاضَهُمْ عَنْهَا وَقُلْت فِيهَا مِنْ الْفِرْيَةِ مَا سَنَذْكُرُ بَعْضَهُ، فَهَلْ الْإِنْكَارُ لِمَأْثُورِ الْأَخْبَارِ وَمُسْتَفِيضِهَا إلَّا مِنْ جِنْسِ مَا ذَكَرْته فِي هَذَا الْكَلَامِ.

الرَّابِعُ: مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُمْ يُثْبِتُونَ مَا يُثْبِتُونَهُ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ فَيُقَالُ لَهُمْ هَذَا يُثْبِتُونَهُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>