للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِاللَّامِ، وَاللَّامُ حَرْفُ الْإِضَافَةِ، وَهِيَ تُوجِبُ اخْتِصَاصَ الْمُضَافِ بِالْمُضَافِ إلَيْهِ، وَاسْتِحْقَاقُهُ إيَّاهُ مِنْ الْوَجْهِ. الَّذِي يَصْلُحُ لَهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَعُمُّ مَوَارِدَ اسْتِعْمَالِهَا، كَقَوْلِهِمْ: الْمَالُ لِزَيْدٍ، وَالسَّرْجُ لِلدَّابَّةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَيَجِبُ إذًا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ مُمَلَّكِينَ مُمَكَّنِينَ لِجَمِيعِ مَا فِي الْأَرْضِ، فَضْلًا مِنْ اللَّهِ، وَنِعْمَةً وَخَصَّ مِنْ ذَلِكَ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ، وَهِيَ الْخَبَائِثُ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِفْسَادِ لَهُمْ فِي مَعَاشِهِمْ أَوْ مَعَادِهِمْ، فَيَبْقَى الْبَاقِي مُبَاحًا بِمُوجَبِ الْآيَةِ.

الْآيَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَمَا لَكُمْ أَلا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩] . دَلَّتْ الْآيَةُ مِنْ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ وَبَّخَهُمْ وَعَنَّفَهُمْ عَلَى تَرْكِ الْأَكْلِ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُحِلَّهُ بِاسْمِهِ الْخَاصِّ، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْأَشْيَاءُ مُطْلَقَةً مُبَاحَةً لَمْ يَلْحَقْهُمْ ذَمٌّ وَلَا تَوْبِيخٌ، إذْ لَوْ كَانَ حُكْمُهَا مَجْهُولًا، أَوْ كَانَتْ مَحْظُورَةً لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ قَالَ: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: ١١٩] وَالتَّفْصِيلُ التَّبْيِينُ، فَبَيَّنَ أَنَّهُ بَيَّنَ الْمُحَرَّمَاتِ، فَمَا لَمْ يُبَيِّنْ تَحْرِيمَهُ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ. وَمَا لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ فَهُوَ حَلَالٌ، إذْ لَيْسَ إلَّا حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ.

الْآيَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: ١٣] ، وَإِذَا كَانَ مَا فِي الْأَرْضِ مُسَخَّرًا لَنَا جَازَ اسْتِمْتَاعُنَا بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. الْآيَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: ١٤٥] الْآيَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>