مِنْ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ» .
وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ أَنَّهُ «كَانَ يَسْتَعِيذُ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ» ، وَالْجَهْرُ بِالْبَسْمَلَةِ أَقْوَى مِنْ الْجَهْرِ بِالِاسْتِعَاذَةِ؛ لِأَنَّهَا آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِهَا، وَإِنْ كَانُوا قَدْ تَنَازَعُوا فِي وُجُوبِ الِاسْتِفْتَاحِ، وَالِاسْتِعَاذَةِ. وَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ النِّزَاعُ فِي ذَلِكَ أَضْعَفُ مِنْ النِّزَاعِ فِي وُجُوبِ الْبَسْمَلَةِ.
وَالْقَائِلُونَ بِوُجُوبِهَا مِنْ الْعُلَمَاءِ أَفْضَلُ وَأَكْثَرُ، لَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَجْهَرُ بِهَا، وَلَيْسَ فِي الصِّحَاحِ وَلَا السُّنَنِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ صَرِيحٌ بِالْجَهْرِ، وَالْأَحَادِيثُ الصَّرِيحَةُ بِالْجَهْرِ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ؛ بَلْ مَوْضُوعَةٌ؛ وَلِهَذَا لَمَّا صَنَّفَ الدَّارَقُطْنِيُّ مُصَنَّفًا فِي ذَلِكَ، قِيلَ لَهُ: هَلْ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ صَحِيحٌ؟ فَقَالَ: أَمَّا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا، وَأَمَّا عَنْ الصَّحَابَةِ فَمِنْهُ صَحِيحٌ، وَمِنْهُ ضَعِيفٌ.
وَلَوْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْهَرُ بِهَا دَائِمًا، لَكَانَ الصَّحَابَةُ يَنْقُلُونَ ذَلِكَ. وَلَكَانَ الْخُلَفَاءُ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ، وَلَمَا كَانَ النَّاسُ يَحْتَاجُونَ أَنْ يَسْأَلُوا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ بَعْدَ انْقِضَاءِ عَصْرِ الْخُلَفَاءِ، وَلَمَا كَانَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ ثُمَّ خُلَفَاءُ بَنِي أُمَيَّةَ وَبَنِي الْعَبَّاسِ كُلُّهُمْ مُتَّفِقِينَ عَلَى تَرْكِ الْجَهْرِ، وَلَمَا كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ - وَهُمْ أَعْلَمُ أَهْلِ الْمَدَائِنِ بِسُنَّتِهِ - يُنْكِرُونَ قِرَاءَتَهَا بِالْكُلِّيَّةِ سِرًّا، وَجَهْرًا، وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَلَيْسَتْ مِنْ الْفَاتِحَةِ، وَلَا غَيْرِهَا.
وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ: هَلْ هِيَ آيَةٌ، أَوْ بَعْضُ آيَةٍ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ أَوْ لَيْسَتْ مِنْ الْقُرْآنِ إلَّا فِي سُورَةِ النَّمْلِ؟ أَوْ هِيَ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ حَيْثُ كُتِبَ فِي الْمَصَاحِفِ، وَلَيْسَتْ مِنْ السُّوَرِ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: هُوَ أَوْسَطُ الْأَقْوَالِ، وَبِهِ تَجْتَمِعُ الْأَدِلَّةُ، فَإِنَّ كِتَابَةَ الصَّحَابَةِ لَهَا فِي الْمَصَاحِفِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ. وَكَوْنَهُمْ فَصَلُوهَا عَنْ السُّورَةِ الَّتِي بَعْدَهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute