للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ مَسْعُودٍ، وَثَبَتَ عَنْهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ تَشَهُّدُ أَبِي مُوسَى، وَأَلْفَاظُهُ قَرِيبَةٌ مِنْ أَلْفَاظِهِ. وَثَبَتَ عَنْهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ تَشَهُّدُ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَفِي السُّنَنِ تَشَهُّدُ ابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَجَابِرٍ، وَثَبَتَ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ تَشَهُّدًا عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ لِيُعَلِّمَهُمْ تَشَهُّدًا يُقِرُّونَهُ عَلَيْهِ إلَّا وَهُوَ مَشْرُوعٌ، فَلِهَذَا كَانَ الصَّوَابُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ التَّشَهُّدَ بِكُلٍّ مِنْ هَذِهِ جَائِزٌ، لَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَمَنْ قَالَ: إنَّ الْإِتْيَانَ بِأَلْفَاظِ تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَاجِبٌ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، فَقَدْ أَخْطَأَ.

وَمِنْ ذَلِكَ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ: فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيح عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ بِلَالًا أُمِرَ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ» وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ عَلَّمَ أَبَا مَحْذُورَةَ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ، فَرَجَّعَ فِي الْأَذَانِ، وَثَنَّى الْإِقَامَةَ» وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ «أَنَّهُ كَبَّرَ فِي أَوَّلِهِ أَرْبَعًا» ، كَمَا فِي السُّنَنِ، وَفِي بَعْضِهَا «أَنَّهُ كَبَّرَ مَرَّتَيْنِ» ، كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ.

وَفِي السُّنَنِ أَنَّ أَذَانَ بِلَالٍ الَّذِي رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ لَيْسَ فِيهِ تَرْجِيعٌ لِلْأَذَانِ، وَلَا تَثْنِيَةٌ لِلْإِقَامَةِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَذَانِ بِلَالٍ وَأَبِي مَحْذُورَةَ سُنَّةٌ، فَسَوَاءٌ رَجَّعَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْأَذَانِ، أَوْ لَمْ يُرَجِّعْ، وَسَوَاءٌ أَفْرَدَ الْإِقَامَةَ، أَوْ ثَنَّاهَا، فَقَدْ أَحْسَنَ، وَاتَّبَعَ السُّنَّةَ. وَمَنْ قَالَ: إنَّ التَّرْجِيعَ وَاجِبٌ، لَا بُدَّ مِنْهُ، أَوْ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، فَكِلَاهُمَا مُخْطِئٌ، وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ: إنَّ إفْرَادَ الْإِقَامَةِ مَكْرُوهٌ أَوْ تَثْنِيَتَهَا مَكْرُوهٌ، فَقَدْ أَخْطَأَ. وَأَمَّا اخْتِيَارُ أَحَدِهِمَا فَهَذَا مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ، كَاخْتِيَارِ بَعْضِ الْقِرَاءَاتِ عَلَى بَعْضٍ، وَاخْتِيَارِ بَعْضِ التَّشَهُّدَاتِ عَلَى بَعْضٍ.

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَنْوَاعُ " صَلَاةِ الْخَوْفِ " الَّتِي صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَلِكَ أَنْوَاعُ " الِاسْتِسْقَاءِ " فَإِنَّهُ اسْتَسْقَى مَرَّةً فِي مَسْجِدِهِ بِلَا صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَمَرَّةً خَرَجَ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>