للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَخْبَرَ أَنَّ الضَّالِّينَ فِي الدُّنْيَا يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا، فَإِنَّ الْجَزَاءَ أَبَدًا مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ، كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» . وَقَالَ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ لَهُ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» . وَقَالَ: «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ يَعْلَمُهُ فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ» . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: ٢٢] . وَقَالَ: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} [النساء: ١٤٩] . وَأَمْثَالُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَلِهَذَا أَيْضًا يُجْزَى الرَّجُلُ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ خَيْرِ الْهُدَى بِمَا يُفْتَحُ عَلَيْهِ مِنْ هُدًى آخَرَ.

وَلِهَذَا قِيلَ: مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ وَرَّثَهُ اللَّهُ عِلْمَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النساء: ٦٦] ، إلَى قَوْلِهِ: {مُسْتَقِيمًا} [النساء: ٦٨] . وَقَالَ: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: ١٥] {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} [المائدة: ١٦] . وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الحديد: ٢٨] . وَقَالَ: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: ٢٩] . فَسَّرُوهُ بِالنَّصْرِ وَالنَّجَاةِ، كَقَوْلِهِ: {يَوْمَ الْفُرْقَانِ} [الأنفال: ٤١]

<<  <  ج: ص:  >  >>