وَقَدْ قِيلَ نُورٌ يُفَرَّقُ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: ٢] {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: ٣] . وَعَدَ الْمُتَّقِينَ بِالْمَخَارِجِ مِنْ الضِّيقِ وَبِرِزْقِ الْمَنَافِعِ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: ١٧] . وَقَوْلُهُ: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: ١٣] .
وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا - لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} [الفتح: ١ - ٢] {وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا} [الفتح: ٣] . وَبِإِزَاءِ ذَلِكَ أَنَّ الضَّلَالَ وَالْمَعَاصِيَ تَكُونُ بِسَبَبِ الذُّنُوبِ الْمُتَقَدِّمَةِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: ٥] . وَقَالَ: {وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} [النساء: ١٥٥] . وَقَالَ: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} [المائدة: ١٣] . وَقَالَ: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [الأنعام: ١٠٩] إلَى قَوْلِهِ: {لا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: ١٠٩] ، إلَى قَوْلِهِ: {يَعْمَهُونَ} [الأنعام: ١١٠] وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ.
وَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ: إنَّ مِنْ ثَوَابِ الْحَسَنَةِ الْحَسَنَةَ بَعْدَهَا، وَإِنَّ مِنْ عُقُوبَةِ السَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ بَعْدَهَا. وَقَدْ شَاعَ فِي لِسَانِ الْعَامَّةِ أَنَّ قَوْلَهُ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٨٢] مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ، حَيْثُ يَسْتَدِلُّونَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّقْوَى سَبَبُ تَعْلِيمِ اللَّهِ، وَأَكْثَرُ الْفُضَلَاءِ يَطْعَنُونَ فِي هَذِهِ الدَّلَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْبِطْ الْفِعْلَ الثَّانِيَ بِالْأَوَّلِ رَبْطَ الْجَزَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute