إلَّا بِهِ، فَإِنَّهُمْ رَأَوْا الْعَامَّةَ تَعُدُّ هَذِهِ الْأُمُورَ بِحُكْمِ الطَّبْعِ وَالْهَوَى وَالْعَادَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَفْعَالَ الَّتِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا تَكُونُ عِبَادَةً، وَلَا طَاعَةً وَلَا قُرْبَةً، فَرَأَى أُولَئِكَ الطَّرِيقَ إلَى اللَّهِ تَرْكَ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ وَالْأَفْعَالِ الطَّبِيعِيَّاتِ، فَلَازَمُوا مِنْ الْجُوعِ وَالسَّهَرِ وَالْخَلْوَةِ وَالصَّمْتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ تَرْكُ الْحُظُوظِ، وَاحْتِمَالُ الْمَشَاقِّ، مَا أَوْقَعَهُمْ فِي تَرْكِ وَاجِبَاتٍ وَمُسْتَحَبَّاتٍ، وَفِعْلِ مَكْرُوهَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ غَيْرُ مَحْمُودٍ، وَلَا مَأْمُورٍ بِهِ، وَلَا طَرِيقَ إلَى اللَّهِ، وَطَرِيقُ الْمُفَرِّطِينَ الَّذِينَ فَعَلُوا هَذِهِ الْأَفْعَالَ الْمُحْتَاجَ إلَيْهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْعِبَادَةِ وَالتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ، وَطَرِيقُ الْمُعْتَدِينَ الَّذِينَ تَرَكُوا هَذِهِ الْأَفْعَالَ، بَلْ الْمَشْرُوعُ أَنْ تُفْعَلَ بِنِيَّةِ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ، وَأَنْ يَشْكُرَ اللَّهَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: ٥١] ، وَقَالَ تَعَالَى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ} [البقرة: ١٧٢] فَأَمَرَ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، فَمَنْ أَكَلَ وَلَمْ يَشْكُرْ كَانَ مَذْمُومًا، وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْكُرْ كَانَ مَذْمُومًا.
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، وَيَشْرَبَ الشُّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا» . «وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَعْدٍ: إنَّك لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلَّا ازْدَدْت بِهَا دَرَجَةً وَرِفْعَةً حَتَّى اللُّقْمَةَ تَضَعَهَا فِي فِي امْرَأَتِك» . وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: «نَفَقَةُ الْمُؤْمِنِ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا صَدَقَةً» .
فَكَذَلِكَ الْأَدْعِيَةُ هُنَا مِنْ النَّاسِ مَنْ يَسْأَلُ اللَّهَ جَلْبَ الْمَنْفَعَةِ لَهُ وَدَفْعَ الْمَضَرَّةِ عَنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute