صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ. وَقَالَ: «أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صَوْمِكُمْ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَيَوْمٌ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ» .
فَاَلَّذِي نَهَى عَنْ صَوْمِهِ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يُفْطِرُهُ الْمُسْلِمُونَ، وَيَنْسُكُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ.
وَهَذَا يَظْهَرُ بِالْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ بِرُؤْيَةِ ذِي الْحِجَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقِفَ قَبْلَ النَّاسِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ فِي الظَّاهِرِ الثَّامِنُ، وَإِنْ كَانَ بِحَسَبِ رُؤْيَتِهِ هُوَ التَّاسِعُ، وَهَذَا لِأَنَّ فِي انْفِرَادِ الرَّجُلِ فِي الْوُقُوفِ، وَالذَّبْحِ، مِنْ مُخَالَفَةِ الْجَمَاعَةِ مَا فِي إظْهَارِهِ لِلْفِطْرِ.
وَأَمَّا صَوْمُ يَوْمِ التَّاسِعِ فِي حَقِّ مَنْ رَأَى الْهِلَالَ، أَوْ أَخْبَرَهُ ثِقَتَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَا الْهِلَالَ، وَهُوَ الْعَاشِرُ بِحَسَبِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَامَّةِ، وَهُوَ الْعَاشِرُ بِحَسَبِ الرُّؤْيَةِ الْخَفِيَّةِ، فَهَذَا يُخَرَّجُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
فَمَنْ أَمَرَهُ بِالصَّوْمِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ الَّذِي هُوَ بِحَسَبِ الرُّؤْيَةِ الْخَفِيَّةِ مِنْ شَوَّالٍ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْفِطْرِ سِرًّا، سَوَّغَ لَهُ صَوْمَ هَذَا الْيَوْمِ، وَاسْتَحَبَّهُ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ، كَمَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ رَمَضَانَ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ وَالِاعْتِبَارُ.
وَمَنْ أَمَرَهُ بِالْفِطْرِ سِرًّا لِرُؤْيَتِهِ، نَهَاهُ عَنْ صَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ، كَهِلَالِ شَوَّالٍ الَّذِي انْفَرَدَ بِرُؤْيَتِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ يَكُونُ الْإِمَامُ الَّذِي فُوِّضَ إلَيْهِ إثْبَاتُ الْهِلَالِ مُقَصِّرًا، لِرَدِّهِ شَهَادَةَ الْعُدُولِ، إمَّا لِتَقْصِيرِهِ فِي الْبَحْثِ عَنْ عَدَالَتِهِمْ، وَإِمَّا رَدَّ شَهَادَتَهُمْ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ، الَّتِي لَيْسَتْ بِشَرْعِيَّةٍ، أَوْ لِاعْتِمَادِهِ عَلَى قَوْلِ الْمُنَجِّمِ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ لَا يُرَى.
قِيلَ: مَا يَثْبُتُ مِنْ الْحُكْمِ لَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ الَّذِي يُؤْتَمُّ بِهِ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ، مُجْتَهِدًا مُصِيبًا كَانَ أَوْ مُخْطِئًا، أَوْ مُفَرِّطًا، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ الْهِلَالُ وَيُشْتَهَرْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute