زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ الثَّابِتُ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ يُنَاقِضُ الْمَعْنَى الْفَاسِدَ الَّذِي تَرْوِيهِ الْجُهَّالُ بِهَذَا اللَّفْظِ. كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُمَا كُنْتُمْ» .
وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحَذِّرُ مَا فَعَلُوا قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ، وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا. وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ» . وَأَشْبَاهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِي الصِّحَاحِ، وَالسُّنَنِ، وَالْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ.
فَكَيْفَ يَعْدِلُ مَنْ لَهُ عِلْمٌ وَإِيمَانٌ عَنْ مُوجِبِ هَذِهِ النُّصُوصِ الثَّابِتَةِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، إلَى مَا يُنَاقِضُ مَعْنَاهَا مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَمْ يُثْبِتْ مِنْهَا شَيْئًا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ.
٣٩٢ - ٣٢ - سُئِلَ: عَنْ زِيَارَةِ النِّسَاءِ الْقُبُورَ: هَلْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ، وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ» رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ: أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو حَاتِمٍ فِي صَحِيحِهِ. وَعَلَى هَذَا الْعَمَلُ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ نَهَى زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْآخِرَةَ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute