وفيهم من وصف بأنه أثبت الناس سماعًا من ابن أبي عروبة، وسمع منه قبل الاختلاط]: أولى بالصواب من رواية ابن أبي عدي الذي لم يسمع منه إلا في الاختلاط، ومن رواية الخفاف الذي لم يميز بين هذا وهذا، والله أعلم.
رواه أربعتهم عن ابن أبي عروبة، عن أبي معشر، عن إبراهيم، عن عائشة به، منقطعًا، وهو الصواب.
فإن قيل: رجح الدارقطني في العلل (١٤/ ٢٨٥/ ٣٦٢٧) رواية ابن أبي عدي، فيقال: إنما رجحها على رواية الخفاف وحده، وهو لم يتعرض لرواية هؤلاء الأربعة ولم يذكرها في وجوه الاختلاف، وروايتهم مقدمة بلا شك على رواية الخفاف وابن أبي عدي.
فإن قيل: قد وصف ابن أبي عروبة بالتدليس، فيقال: فلا يعلل هذا الإسناد بتدليس ابن أبي عروبة، فإن الذين وصفوه بالتدليس إنما عابوا عليه روايته عن أقوام لم يسمع منهم، وعلى هذا فإن عنعنته مقبولة فيمن عُلم أنه سمع منهم [انظر: التهذيب (٣/ ٣٥٤) وغيره] ولذلك ذكره ابن حجر في المرتبة الثانية فيمن احتمل الأئمة تدليسه [تعريف أهل التقديس (٥٠)]، وقد قال الإمام أحمد: "أروى الناس عن أبي معشر: ابن أبي عروبة" [العلل (٥٢٤٨)]، وأبو معشر: هو زياد بن كليب: ثقة.
وإنما يعلل هذا الحديث بالانقطاع بين إبراهيم بن يزيد النخعي وعائشة، فإنه دخل عليها وهو صغير، ولم يسمع منها شيئًا [المراسيل (١)، جامع التحصيل (١٣)، تحفة التحصيل (١٩)]، وسيأتي حديث بهذا الإسناد (٢٤٣)، ونقلت هناك أقوال الأئمة في ذلك.
قال النووي في المجموع (١/ ٤٤٥): "حديث صحيح، رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح"، وصححه أيضًا في الخلاصة (٣٨٦).
وقال العراقي في طرح التثريب (٢/ ٦٧): "رواه أبو داود بإسناد صحيح".
وانظر: الأحكام الوسطى (١/ ١٣٢)، بيان الوهم (٢/ ٢١١/ ١٩٦) و (٥/ ٢٦١/ ٢٤٦١).
وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (١/ ١٤٣): "هذا حديث غريب"، وتعقب قول النووي في الأذكار، وفي المجموع (٢/ ١١٧): "بإسناد صحيح" بقوله: "والتحرير أنه حسن، فإن فيه علتين: الاختلاف على سعيد في وصله وإرساله، وفي زيادة راوٍ على السند الموصول" ثم ذكر أن الدارقطني رجح رواية ابن أبي عدي ثم قال: "وإنما قلت أن الحديث حسن لاعتضاده بالحديث الذي بعده، والله أعلم" يعني: حديث حفصة المتقدم.
[وانظر: التلخيص (١/ ١٩٨)، الإرواء (١/ ١٣١) وصححه].
وهو كما قال الحافظ، حسن لغيره، فإن رجاله ثقات إلا أنه منقطع، ويعتضد بحديث حفصة المتقدم.
• ورُوي بإسناد آخر:
رواه محمد بن فضيل، قال: ثنا الأعمش، عن رجل [وفي رواية: عن بعض