للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من أوجه كلها ضعيف، وأشهرها رواية أبي زيد مولى عمرو بن حريث عن ابن مسعود، وقد ضعفها أهل العلم بالحديث".

وقال البغوي في شرح السُّنَّة (٢/ ٦٤): "وهذا حديث غير ثابت؛ لأن أبا زيد: مجهول، وقد صح عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود قال: لم أكن ليلة الجن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

وقال الجوزقاني في الأباطيل (١/ ٤٩٨): "هذا حديث باطل، مخالف للكتاب والسُّنَّة والإجماع والقياس".

وقال النووي في شرح مسلم (٤/ ١٦٩): "وحديث النبيذ ضعيف باتفاق المحدثين، ومداره على أبي زيد مولى عمرو بن حريث، وهو مجهول"، وقال في المجموع (١/ ١٤١): "ضعيف بإجماع المحدثين"، وذكره في فصل الضعيف من الخلاصة (٢٩)، وقال: "أجمعوا على ضعفه".

وقال ابن حجر في الفتح (١/ ٤٢٢): "وهذا الحديث: أطبق علماء السلف على تضعيفه".

وحديث الوضوء بالنبيذ له طرق كثيرة يأتي الكلام عليها مفصلًا عند الحديث رقم (٨٤) من سنن أبي داود، إن شاء الله تعالى.

لكني أردت من ذكر هذين الطريقين: بيان اشتمالهما على زيادات لا تصح، ومع ذلك فلم يرد فيها ولا في غيرها ذكر الحممة.

• بقي أن نتكلم عن مسألتين هامتين:

الأولى: وهي: هل حضر ابن مسعود ليلة الجن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما دلت على ذلك طرق كثيرة لهذا الحديث أم لا؟

والثانية: الكلام عن ثبوت موضع الشاهد في حديث ابن مسعود.

أما المسألة الأولى:

فيشفي غليلنا فيها أصحاب عبد الله بن مسعود الكوفيون، الذين لازموه دهرًا طويلًا، وكانوا أعرف به من غيرهم، وهؤلاء يمثلهم: علقمة بن قيس النخعي الكوفي: الثقة الثبت الفقيه العابد، والذي ولد في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان أعلم الناس بعبد الله بن مسعود، وأشبههم به هديًا وسمتًا ودلًا [انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء (٤/ ٥٣)، تذكرة الحفاظ (١/ ٤٨)، التاريخ الكبير (٧/ ٤١)، الجرح والتعديل (٦/ ٤٠٤)، علل ابن المديني (٤٢)، تاريخ بغداد (١٢/ ٢٩٦)، الطبقات الكبرى (٦/ ٨٦)، وغيرها] فإذا خالف علقمة مائة من مثل ابن سَنَّة أو غيره فلا يؤبه له.

ومن ألصق الناس بالرجل وأعرفهم به من غيرهم: أهل بيته، وهؤلاء يمثلهم ابنه أبو عبيدة: فقد روى شعبة عن عمرو بن مرة قال: قلت لأبي عبيدة: حضر عبد الله بن مسعود ليلة الجن؟ قال: لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>