للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الدارقطني: "تفرد به عبد الله بن نافع، عن الليث بهذا الإسناد متصلًا، وخالفه ابن المبارك وغيره".

وقال البيهقي: "ورواه غير عبد الله بن نافع، عن الليث، عن عمير بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا. . . [ثم قال:] كذا في كتابي عمير، والصواب: عميرة بن أبي ناجية"، ثم نقل كلام أبي داود، وفيه زيادة وهي أيضًا مذكورة في كتاب الوهم لابن القطان (٢/ ٤٣٢) فقد نقلا نص كلامه، قال: "وذكر أبي سعيد في هذا الحديث: وهم [و] ليس بمحفوظ، وهو مرسل" [وانظر: الفتح لابن رجب (٢/ ٣٨)].

وقال موسى بن هارون: "رفعه وهم من ابن نافع" [التلخيص (١/ ٢٧٣)].

فهؤلاء الأئمة قد جزموا بأن المتفرد بوصل هذا الحديث هو عبد الله بن نافع، ولم يتابع على وصله، حتى جاء ابن القطان الفاسي فذكر في كتابه "بيان الوهم والإيهام" (٢/ ٤٣٤) أن أبا علي بن السكن قد أخرج هذا الحديث موصولًا مجودًا من طريق أبي الوليد الطيالسي، فقال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد الواسطي: ثنا عباس بن محمد: ثنا أبو الوليد الطيالسي، قال: نبأني الليث بن سعد، عن عمرو بن الحارث، وعميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري: أن رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. . . فذكر الحديث [بيان الوهم (٢/ ٤٣٣ - ٤٣٤)، الإمام (٣/ ١٧٢)، نصب الراية (١/ ١٦٠)، التلخيص (١/ ٢٧٣)].

فالناظر في هذا يحسب أن أبا الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي قد تابع عبد الله بن نافع على وصل الحديث، وذكر أبي سعيد الخدري فيه، فالإسناد رجاله ثقات مشهورون، والذين ساقوه سكتوا عنه، ولم يعلوه بشيء.

لكن يبدو لي -والله أعلم- أن هذا لا يثبت عن أبي الوليد الطيالسي، وأنه لم يحدث به قط؛ لأمور:

الأول: أن جماعة من أئمة الحديث النقاد قد جزموا بأن المتفرد بوصل هذا الحديث وذكر أبي سعيد فيه إنما هو عبد الله بن نافع، ولم يتابع عليه، وهم: موسى بن هارون، وأبو داود، والحاكم، والطبراني، والدارقطني والبيهقي.

الثاني: أن الحديث لو كان عند أبي الوليد الطيالسي لاشتهر، وعرف عند هؤلاء الأئمة قبل غيرهم، فإن أبا الوليد الطيالسي أشهر وأكثر رواية من عبد الله بن نافع، وتلاميذ أبي الوليد كثر، فما كان ليخفي عليهم هذا الحديث حتى يتفرد به متفرد، ثم كيف يشتهر حديث عبد الله بن نافع ويرويه عنه جماعة، ولا يعرف حديث أبي الوليد إلا من هذا الطريق، ثم يخفى بعدُ أيضًا على هؤلاء الأئمة النقاد.

الثالث: أن الإسناد من لدن أبي الوليد الطيالسي فما فوقه: رجاله ثقات مشهورون رجال الشيخين، عدا بكر بن سوادة، فمن رجال مسلم، واستشهد به البخاري في الصحيح تعليقًا (٤١٢٦)، وعدا عميرة بن أبي ناجية، وهو: ثقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>