وقال البيهقي:"وهذا الذي قاله ابن جريج في هذا الإسناد: أخبرت عن عثيم بن كليب، إنما حدثه إبراهيم بن أبي يحيى، فكنى عن اسمه".
وقال البرديجي في الأسماء المفردة (٦٠): "ويقال: إن ابن جريج سمعه من إبراهيم بن أبي يحيى؛ لأنه يقول: حُدثت".
وقال الخطيب في التلخيص (١/ ٥٠٠): "رواه إبراهيم بن أبي يحيى المدني، عن عثيم، ويروى أن ابن جريج إنما رواه عن ابن أبي يحيى، إلا أن إبراهيم قال: عثيم بن كثير بن كلاب، إن كان الراوي ضبط الحديث عنه ... "، ثم ساق حديث إبراهيم بن أبي يحيى من طريق عبد الله بن إسحاق المدائني به، مثل حديث ابن عدي.
ورواه أيضًا ابن قانع في المعجم (٢/ ٣٨٩)، قال: حدثنا محمد بن مروان القرشي: نا محمد بن زياد الزيادي به، نحو حديث ابن عدي.
ورواه أبو نعيم في معرفة الصحابة (٥/ ٢٣٩٧/ ٥٨٦٩)، من طريق محمد بن يونس الكديمي: ثنا غانم بن الحسن: ثنا إبراهيم بن محمد الأسلمي: حدثني عثيم بن كثير بن كليب، عن أبيه، عن جده: أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "احلق عنك شعر الكفر" فحلقه.
ثم قال:"رواه صدقة بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد مثله ... " [وانظر: المعرفة أيضًا (٣/ ١٥٢٣/ ٣٨٦٢)].
وهذا يدل على أن هذا الحديث إنما يعرف من حديث إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي المدني، وهو مشهور عنه، رواه عنه جماعة، منهم ابن جريج، لكنه دلسه فقال:"أخبرت عن عثيم بن كليب"، وقد صدق الدارقطني إذ يقول:"تجنب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح، مثل: إبراهيم بن أبي يحيى، وموسى بن عبيدة، وغيرهما" [التهذيب (٢/ ٦١٧)].
وبهذا فإن حديث ابن جريج إنما هو من حديث إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي المدني، وبه يعرف، وابن أبي يحيى هذا: متروك، بل كذاب، كذبه أهل بلده وهم به أعرف، فقد كذبه مالك، وهو الحكم في أهل المدينة، وقال بشر بن المفضل:"سألت فقهاء أهل المدينة عنه؟ فكلهم يقولون: كذاب"، وكذبه أيضًا من أئمة الجرح والتعديل: يحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، ويعقوب بن سفيان الفسوي، وابن حبان، وغيرهم، وقال البزار:"يضع الحديث"، ومع ذلك فقد خفي أمره على الإمام الشافعي، فوثقه وأكثر عنه في كتبه [انظر: التهذيب (١/ ٨٣)، إكمال مغلطاي (١/ ٢٨٤)، الميزان (١/ ٥٧)، الكامل (١/ ٢١٧)].
فكيف يقال بعد ذلك بأنه حديث حسن؛ لأن أبا داود أخرجه في سننه، وسكت عليه، وقد علمت أنه من حديث إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي، وهو كذاب جهمي، يضع الحديث.