الأصبهاني أبو محمد: قال أبو بكر الخطيب: "كان ابن حيان حافظًا ثبتًا ضابطًا متقنًا"، وقد وثقه جماعة، وهو أحد الأئمة الثقات الأعلام صاحب التصانيف. ذكر أخبار أصبهان (٢/ ٩٠)، تذكرة الحفاظ (٣/ ٩٤٥)، السير (١٦/ ٢٧٦)، الأنساب (٤/ ٢٨٥)، تاريخ بغداد (١٢/ ٢٢٣)]: ثنا أحمد بن سهل الأشناني، عن لوين: ثنا حماد بن زيد، عن هشام -يعني: ابن حسان-، عن أبي معشر، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: لقد رأيتني أفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم يصلي فيه.
هكذا رواه بهذا اللفظ: "ثم يصلي فيه": ثقتان مشهوران، عن لوين محمد بن سليمان بن حبيب المصيصي، وخالفهما: شيخ ابن حبان: محمد بن علان، فوهم بأن قال: "وهو يصلي"، وليس هذا وهمه الوحيد، بل وهم أيضًا في الإسناد حيث قال: "عن هشام الدستوائي"، وإنما هو هشام بن حسان قطعًا، ولكن محقق صحيح ابن حبان هو الذي أصلح هذا الخطأ في المطبوعة.
والحديث رواه قتيبة بن سعيد [ثقة ثبت]: حدثنا حماد بن زيد، عن هشام بن حسان به، بدون هذه الجملة: "ثم يصلي فيه".
أخرجه النسائي (١/ ١٥٦/ ٣٩٩)، وهو عند مسلم (٢٨٨) من هذا الوجه، لكن لم يسق لفظه.
ورواه محمد بن عبد الله الأنصاري [هو: محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري البصري القاضي: ثقة]، قال: حدثنا هشام بن حسان به، وقال: "ثم يصلي فيه"، وفي رواية: "فيصلي فيه".
أخرجه ابن الجارود (١٣٦)، وأبو نعيم في الحلية (٤/ ٢٣٩).
ورواه يزيد بن هارون [ثقة ثبت]، عن هشام بن حسان به، بدون هذه الجملة: "ثم يصلي فيه".
أخرجه أحمد (٦/ ٢٣٩)، والبغوي في شرح السُّنَّة (٢٩٨ م).
• والحاصل: أن جملة: "ثم يصلي فيه" صحيحة ثابتة محفوظة من حديث هشام بن حسان، وأما الرواية التي وقعت عند ابن حبان في صحيحه: "وهو يصلي فيه" فهي رواية منكرة؛ تفرد بها شيخ ابن حبان، وخالف فيها من هو أثبت وأكثر عددًا.
• وعليه فلا يصح من حديث عائشة بوجه ما: أنها كانت تفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة.
وأما قول ابن الملقن في البدر المنير (١/ ٤٩٠): "وهي رواية صحيحة، رواها أئمة حفاظ، بأسانيد كل رجالها ثقات، لا مطعن لأحد فيهم": فليس بصحيح، لما تقدم بيانه من أدلة ظاهرة على ضعف هذه الرواية وعدم ثبوتها، والله أعلم.
وبهذا يبقى استغراب النووي لهذا اللفظ في محله، انظر: المجموع (٢/ ٥٧٢).
***