للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ورد تعيين هذه الصلاة وأنها الظهر عند النسائي وغيره.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتج بأبي مالك الأشجعي، وكثير بن مدرك لم يخرجاه".

قلت: هو حديث صحيح؛ رجاله رجال مسلم، غير عبيدة بن حميد فمن رجال البخاري، وهو ثقة.

وقد أخرج مسلم حديثًا في التلبية (١٢٨٣) من طريق كثير بن مدرك، عن عبد الرحمن بن يزيد والأسود بن يزيد، عن ابن مسعود، فظهر بذلك أن مسلمًا قد أخرج لكثير بن مدرك.

وأما الأسود بن يزيد النخعي صاحب ابن مسعود فحديثه عنه في الصحيحين.

• وقد توبع عبيدة بن حميد:

تابعه: محمد بن فضيل، عن أبي مالك الأشجعي، عن كثير بن مدرك، عن الأسود بن يزيد، قال: قال عبد الله: إن أول وقت الظهر: أن تنظر إلى قدميك فتقيس ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام، وإن أول الوقت الآخر: خمسة أقدام إلى سبعة أقدام. أظنه قال: في الشتاء.

أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٢٨٧/ ٣٢٨٩)، قال: حدثنا محمد بن فضيل به.

قلت: وهذا وإن كان ظاهره الوقف، إلا أنه لا يدرك إلا بالتوقيف، فهو مرفوع حكمًا، ورواية عبيدة بن حميد الصريحة في الرفع أولى، والله أعلم.

قال البيهقي: "وهذا أمر يختلف في البلدان والأقاليم، فيقدر في كل إقليم بالمعروف به بأمر الزوال".

وقال ابن الأثير في النهاية (٤/ ٢٦): "أقدام الظل التي تعرف بها أوقات الصلاة: هي قدم كل إنسان على قدر قامته، وهذا أمر مختلف باختلاف الأقاليم والبلاد؛ لأن سبب طول الظل وقصره: هو انحطاط الشمس وارتفاعها إلى سمت الرؤوس، فكلما كانت أعلى، وإلى محاذاة الرؤوس في مجراها أقرب، كان الظل أقصر، وينعكس الأمر بالعكس، ولذلك ترى ظل الشتاء في البلاد الشمالية أبدًا أطول من ظل الصيف، في كل موضع منها، وكانت صلاته عليه الصلاة والسلام بمكة والمدينة من الأقليم الثاني، ويذكر أن الظل فيهما عند الاعتدال في آذار وأيلول ثلاثة أقدام وبعض قدم، فيشبه أن تكون صلاته إذا اشتد الحر متأخرة عن الوقت المعهود قبله إلى أن يصير الظل خمسة أقدام، أو خمسة وشيئًا، ويكون في الشتاء أول الوقت خمسة أقدام، وآخره سبعة، أو سبعة وشيئًا، فينزل هذا الحديث على هذا التقدير في ذلك الأقليم دون سائر الأقاليم، والله أعلم" [وانظر: معالم السنن للخطابي (١/ ١١٠)، فهو منقول عنه بتصرف].

• ومما يحسن التنبيه عليه في هذا الموضع: أن الشريعة جاءت في المسائل العملية، مثل مواقيت الصلاة وغيرها، بأمور تقريبية يحسنها أكثر الخلق، وهي تجري مجري غلبة الظن لا مجرى اليقين في الغالب، ولم يطلب منا التدقيق ولا التعمق في ذلك، مثل تحديد

<<  <  ج: ص:  >  >>