البخاري:"صدوق الحديث"، وصحح له حديث "لا صلاة قبل العيدين" [علل الترمذي الكبير (١٥٧)]، وصححه له أيضًا: الترمذي (٥٣٨)، والحاكم (١/ ٢٩٥)، وصحح له ابن خزيمة هذا الحديث من الطريق الثاني، وقال ابن عدي:"وأبان هذا عزيز الحديث، عزيز الروايات، ولم أجد له حديثًا منكر المتن فأذكره، وأرجو أنه لا بأس به!.
وأما الذين ضعفوه أو لينوه فهم: النسائي، فقد قال: "ليس بالقوي"، والعقيلي وابن حبان، فقد ذكراه في الضعفاء، إلا أنهما لم يذكرا له حديثًا منكرًا، وقد شذ ابن حبان بقوله: "وكان ممن فحش خطؤه، وانفرد بالمناكير".
وأما الدارقطني فقد بيَّن حجته في تضعيفه حيث قال في العلل (٨/ ٢٧٦): "وحديث آخر يرويه أبان بن عبد الله البجلي -وكان ضعيفًا- عن مولى لأبي هريرة في المسح على الخفين مرفوعًا، وأبان: ضعيف، وقال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر، وكلها باطلة [يعني: ما روى عن أبي هريرة في المسح على الخفين]، ولا يصح عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسح".
وضعف مسلم في التمييز (٢٠٩) ما رُوي من أحاديث المسح عن أبي هريرة، قال مسلم: "فقد صح برواية أبي زرعة وأبي رزين عن أبي هريرة إنكاره المسح على الخفين، ولو كان قد حفظ المسح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أجدر الناس وأولاهم للزومه والتدين به. . . وإن من أسند ذلك عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - واهي الرواية، أخطأ فيه إما سهوًا أو تعمدًا".
وبذا يظهر جليًا أنه ضُعِّف لأجل حديث أبي هريرة في المسح على الخفين، ومع كون الإمام أحمد قال في هذا الحديث: "هذا حديث منكر" إلا أنه لم يضغف أبان مطلقًا، فقد قال فيه مرة: "ثقة"، وقال أخرى: "صدوق، صالح الحديث"، مما يبين أنه أخطأ في هذه الرواية فقط، وفيما عداها هو صدوق حسن الحديث، وعليه يحمل تضعيف من أطلق تضعيفه كابن حبان والعقيلي، وكذا تليين النسائي له، ثم إن النسائي مع كونه لينه فقال: "ليس بالقوي"؛ فقد قدم روايته -الطريق الثاني، والذي جعله من مسند جرير- على رواية شريك؛ مما يدل على أنه لم يخطئ فيها مثلما أخطأ في الرواية الأخرى [انظر ترجمة أبان: التهذيب (١/ ١٢١)، إكمال مغلطاي (١/ ١٦٢)، الميزان (١/ ٩)، المجروحين (١/ ٩٩)، ضعفاء العقيلي (١/ ٤٢)، وغيرها].
وخلاصة ما تقدم: أن كلًا من شريك وأبان قد أخطأ في هذا الحديث:
أما شريك فلكونه جعله من حديث أبي زرعة عن أبي هريرة، وأما أبان فلكونه جعله من رواية مولى لأبي هريرة عن أبي هريرة، فاتفقا في الوهم حيث جعلاه من حديث أبي هريرة، وليس من حديثه.
والمحفوظ في ذلك: هو ما رواه أبان بن عبد الله البجلي: حدثني إبراهيم بن جرير عن أبيه به.