ولا يُعارض برواية هذين الرازين -وأحدهما: كذاب-: روايةَ الجماعة، وفيهم إبراهيم بن سعد: المدني، الثقة الحجة، العارف بحديث ابن إسحاق، وبمواضع سماعه، وسلمة الأبرش وإن كان ثبتًا في ابن إسحاق؛ إلا أن إبراهيم بن سعد مقدَّم عليه فيه، وأقدم سماعًا منه، وعليه: فالصواب قول إبراهيم ومن تابعه.
فهو حديث حسن، وإسناده متصل بلا ريب.
وقد صححه ابن خزيمة والحاكم والضياء وحسنه الحازمي.
• وله إسناد آخر عن ابن اسحاق، ولا يصح أيضًا:
رواه محمد بن حميد الرازي: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن حميد، عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ لكل صلاة طاهرًا أو غير طاهر.
قال: قلت لأنس: فكيف كنتم تصنعون أنتم؟ قال: كنا نتوضأ وضوءًا واحدًا.
أخرجه الترمذي في الجامع (٥٨)، وفي العلل (٢٩)، وابن شاهين في الناسخ (٨٧)، والحازمي في الاعتبار (٥٥).
قال الترمذي: "وحديث حميد عن أنس: حديث حسن غريب من هذا الوجه، والمشهور عند أهل الحديث: حديث عمرو بن عامر الأنصاري عن أنس".
وقال في العلل: "سألت محمدًا عن هذا الحديث؟ فقال: لا أدري ما سلمة هذا، كان إسحاق يتكلم فيه، ما أروي عنه، ولم يعرف محمد هذا من حديث حميد".
قلت: محمد بن حميد الرازي: ضعيف، وهو وإن كان موصوفًا بالحفظ؛ إلا أنه قد أجمع أهل بلده على ضعفه، وكذبه بعضهم، والمعروف في هذا عن ابن إسحاق هو ما تقدم من حديث ابن حنظلة، ولا يُعرف هذا من حديث حميد عن أنس، إنما هو مشهور من حديث عمرو بن عامر الأنصاري عن أنس، ويأتي برقم (١٧١) من السنن، إن شاء الله تعالى.
• وفي حديث ابن حنظلة: دليل على نسخ إيجاب الوضوء لكل صلاة ولو لم يُحدِث، ويبقى الأمر على الاستحباب [انظر: فتح الباري (١/ ٣٧٧)، الاعتبار (٥٥)، الناسخ لابن شاهين (٨٧)، تفسير ابن كثير (٢/ ٢٢)] [وانظر في استحباب الوضوء لكل صلاة: المغني (١/ ٩٦)، المبدع (١/ ١٣٢)، الفروع (١/ ١٢٤)، شرح العمدة (١/ ٣٩٤)، الإنصاف (١/ ١٤٧)، مغني المحتاج (١/ ٧٤)، المجموع (١/ ٤٩٣)، مجموع الفتاوى (٢١/ ٣٧٢)، وغيرها].
• ومنهم من احتج بهذا الحديث على وجوب السواك في حقه - صلى الله عليه وسلم - وأنه من خصائصه، واحتج المخالف بحديث واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمِرت بالسواك حتى خشيتُ أن يكتب عليَّ".
أخرجه أحمد (٣/ ٤٩٠)، والمحاملي في الأمالي (٧٠ - رواية ابن مهدي الفارسي)، والطبراني (٢٢/ ٧٦/ ١٨٩ و ١٩٠)، وابن عساكر في جزء فيه حديث شيخين له: مكي بن أبي طالب، ومحمود المزاحمي (٢٥).