وقال الحازمي في الاعتبار:"هذا حديث حسن" ثم قال: "فهذا الحديث أقوم إسنادًا من الأول كما ترى" يعني: من حديث عبد الله بن زيد، وذكر نحوًا من كلام البيهقي وابن عبد البر، ثم قال:"وطريق الإنصاف أن يقال: الأمر في هذا الباب على التوسع، وادعاء النسخ مع إمكان الجمع بين الحديثين على خلاف الأصل، إذ لا عبرة بمجرد التراخي على ما قرر في المقدمة.
ثم نقول في حديث عبد الله بن زيد: إنما فوض الأذان إلى بلال؛ لأنه أندى صوتًا من عبد الله، على ما ذكر في الحديث، والمقصود من الأذان الإعلام، ومن شرطه الصوت، وكلما كان الصوت أعلي كان أولى.
وأما زياد بن الحارث فكان جهوري الصوت، ومن صلح للأذان كان للإقامة أصلح، وهذا المعنى يؤكد قول من قال: من أذن فهو يقيم".
وقال البغوي في شرح السنة (٢/ ٨٣): "وفي إسناده ضعف، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم: أن من أذن فهو أولى بالإقامة".
وقال ابن عساكر:"هذا حديث حسن".
وانظر: المجموع شرح المهذب (٣/ ١٢٨)، شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي (٤/ ١١٥٨).
قلت: هو حديث منكر، وفي بعض أطرافه ما يُنكر معناه ولا يُحتمل، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي: ضعيف، وقد أنكروا عليه أحاديث هذا منها، ومن مناكيره ما لا يُحتمل [التهذيب (٢/ ٥٠٥)، الميزان (٢/ ٥٦١)].
• وهذا الحديث قد رواه ابن لهيعة مختصرًا، وخالف الأفريقي في إسناده، جعل صحابيه حِبَّان بن بُح:
قال ابن لهيعة: ثنا بكر بن سوادة، عن زياد بن نعيم الحضرمي، عن حِبَّان بن بُح الصدائي، قال: إن قومي كفروا فأُخبرت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جهز إليهم جيشًا، فأتيته، فقلت: إن قومي على الإسلام، قال:"أكذلك؟ " قلت: نعم، قال: فاتبعته ليلتي حتى الصباح، فأذَّنت بالصلاة لما أصبحت، وأعطاني ماءً فتوضأت منه، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أصابعه في الإناء فانفجر عيونًا، فقال:"من أراد منكم أن يتوضأ فليتوضأ" فتوضأت، وصليت، فأمَّرني عليهم، وأعطاني صدقاتهم، فقام رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن فلانًا ظلمني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا خير في الإمارة لمسلم" ثم جاء رجل يسأل صدقة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الصدقة صداع في الرأس، وحريق في البطن -أو: داء-" فأعطيته صحيفتي؛ صحيفة إمرتي وصدقتي، فقال:"ما شأنك؟ " فقلت: كيف أقبلها وقد سمعت منك ما سمعت، قال:"هو ما سمعت".
هكذا رواه عن ابن لهيعة: الحسن بن موسى الأشيب، وسعيد بن أبي مريم.
أخرجه أحمد (٤/ ١٦٨)، وابن أبي شيبة في المسند (٦٣٥)، وابن عبد الحكم في