فرووه عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني قد بدنت؛ فلا تبادروني بالركوع ولا بالسجود،. . . " فذكره مثله، هكذا مرسلًا.
أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ١١٦/ ٧١٥٠)، وذكره الدارقطني في العلل (٧/ ٦٣/ ١٢١٣).
هكذا اختلف في هذا الحديث على يحيى بن سعيد الأنصاري، وهو: ثقة ثبت، والذين اختلفوا عليه أيضًا: كلهم حفاظ، لكن لعل رواية الجماعة المرسلة أولى بالصواب، وأما رواية الليث، فراويها عنه: كاتبه عبد الله بن صالح، وهو صدوق، وقد تُكُلِّم فيه، وهو كثير الغلط، فلعله أُتي من قِبله.
قال الدارقطني: "والصواب عن يحيى بن سعيد: المرسل".
قلت: والذي يظهر لي -والله أعلم- أن رواية يحيى بن سعيد الأنصاري المرسلة، وإن كانت هي المحفوظة عنه، إلا أنها لا تُعل رواية ابن عجلان، حيث لم ينفرد به ابن عجلان، فقد تابعه أسامة بن زيد الليثي، فإن قيل: يحيى بن سعيد أحفظ منهما معًا، قلت: نعم، ولكن هناك قرائن تدل على حفظهما للحديث:
أ- إن ابن عجلان هنا يروي هذا الحديث عن مدني مثله.
ب- إن روايته ليست عن سعيد المقبري، والذي تكلم الحفاظ في رواية ابن عجلان عنه، وأنه لم يضبط حديثه.
ج- إن الحديث قد رواه عن ابن عجلان جماعة من الحفاظ؛ فلم يختلفوا عليه، لا في إسناده، ولا في متنه، مما يدل على أنه حفظه، ولم يكن يتردد فيه.
وما ذكره الدارقطني في العلل من اختلافٍ على ابن عجلان، فهو ليس اختلافًا عليه، وإنما اختلف فيه على حماد بن مسعدة الراوي عن ابن عجلان، والوهم فيه من الراوي عن ابن مسعدة.
د- إن رواية أسامة بن زيد الليثي، هي من رواية ابن وهب عنه، وهو يروي عنه نسخة صالحة، استشهد بها مسلم، ولعلها كانت من كتاب الليثي، فهو صحيح الكتاب.
هـ- إن الدارقطني لم يعل رواية ابن عجلان، ولم يرجح عليها رواية يحيى بن سعيد الأنصاري، وإنما ذكر الراجح فقط من الاختلاف الواقع على يحيى بن سعيد، وأن الصواب عنه: المرسل، ولو قال الدارقطني: والصواب: عن يحيى بن سعيد مرسل، لاحتمل أن يكون هذا حكمًا عامًّا على الحديث، وأن المحفوظ فيه: مرسل، وإن كان يحتمل المعنى الأول أيضًا، وعادة الدارقطني في تلخيص الحكم العام على الحديث أن يقول: والصواب: مرسل، أو: والصواب: المرسل، وقد يعبِّر بالأشبه، والأصح، والصحيح، وغير ذلك، لكن بدون أن يقيده بطريق معين، والله أعلم.
وحديث ابن عجلان: قد صححه ابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود.
واحتج به ابن حزم في موضعين (٣/ ٢٤٣) و (٤/ ١٥٨)، ولم يُعله بشيء.
وصححه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى [المجموع (٢٣/ ٣٣٦)].