للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأبو قلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي البصري: قال أبو داود: "رجلٌ صدوقٌ [وفي التهذيب: رجلُ صدقٍ]، أمين مأمون، كتبت عنه بالبصرة"، وقال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: "ما رأيت أحفظ من أبي قلابة"، وقال ابن خزيمة: "حدثنا أبو قلابة بالبصرة قبل أن يختلط ويخرج إلى بغداد"، وقال مسلمة بن قاسم في كتاب الصلة: "كان راوية للحديث، متقنًا ثقة، يحفظ حديث شعبةكما يحفظ السورة من القرآن، وسمعت ابن الأعرابي يقول: كان أبو قلابة يملي حديث شعبة على الأبواب من حفظه، ويأتي قوم آخرون فيملي عليهم حديث شعبة على الشيوخ، وما رأيت أحفظ منه، وكان من الثقات، وكان قد حدث بسامرا وبغداد فما بدل من حديثه شيئًا،. . .، وأنكر عليه بعض أصحاب الحديث حديثًا حدثه عن أبي زيد الهروي عن شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى حتى تورمت قدماه، فقالوا: أخطأ فيه، أو أخطأ أبو زيد فيه، قال أبو سعيد بن الأعرابي: فقدم علينا عبد العزيز بن معاوية أبو خالد الأموي من الشام فحدثنا به عن أبي زيد، كما قال أبو قلابة"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "وكان يحفظ أكثر حديثه"، لكن قال الدارقطني: "عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن مسلم أبو قلابة، قيل لنا: إنه كان مجاب الدعوة، صدوق، كثير الخطأ في الأسانيد والمتون، لا يحتج بما ينفرد به، بلغني عن شيخنا أبي القاسم بن منيع أنه قال: عندي عن أبي قلابة عشرة أجزاء، ما منها حديث سلم منه، إما في الإسناد، أو في المتن، كأنه يحدث من حفظه، فكثرت الأوهام منه"، كذا وقع في سؤالات الحاكم للدارقطني، لكن الخطيب البغدادي نقل عن الدارقطني قوله: "هو صدوق، كثير الخطأ في الأسانيد والمتون، كان يحدث من حفظه، فكثرت الأوهام منه"، ولم يسنده إلى الدارقطني، والأقرب أن الخطيب نسب للدارقطني ما قيل له، وما بلغه عن أبي القاسم البغوي، فالدارقطني هنا ناقل لهذا الجرح عن أبي القاسم البغوي، لكن بواسطة مبهمة، وبناء على ذلك فإنا لا نقدم مثل هذا الجرح -والذي في ثبوته نظر- على تعديل الأئمة الآخرين الذين أخذوا مباشرة عن أبي قلابة بالبصرة، وقبل أن يختلط ويخرج إلى بغداد، فإن أبا داود وابن جرير الطبري وابن خزيمة وابن الأعرابي ممن كتب عنه بالبصرة، ولو وجدوا في حديثه شيئًا من المناكير والأوهام لما سكتوا عنه، ولما وصفوه بهذه الأوصاف التي تدل على حفظه وضبطه لحديثه، وأنه لم يكن ممن يهم في حديثه، وهم أقرب الناس إليه ممن حمل عنه قبل الاختلاط، ويحمل كلام ابن الأعرابي كله على ما حدث به أبو قلابة قبل اختلاطه، وتابعهم على ذلك: مسلمة بن قاسم، وابن حبان، وهو ممن يفرط في جرح الرجال إذا كثرت أوهامهم، ومع ذلك فقد وثقه، ووصفه بالحفظ، وعلى فرض ثبوت هذا الجرح عن أبي القاسم البغوي، فيحمل على أنه حمل عن أبي قلابة ببغداد حيث كان قد اختلط، فحدث من حفظه بالأوهام، وهذا ما ذهب إليه العلامة المعلمي اليماني في كتابه التنكيل (١/ ٣٣٣/ ١٤٧)، حيث قال بعد أن نقل أقوال الأئمة: "فاتضح بذلك أن أبا قلابة كان ثقة متقنًا؛ إلا أنه تغير بعد أن تحول إلى بغداد، وفيها سمع منه

<<  <  ج: ص:  >  >>