وقال الإمام أحمد: "قال أبو قَطَن: سمعت شعبة يقول عن قتادة: ما رفعه، فظننت أنه يعني الحديث، فقال لي عبد الله بن عثمان: هذا أحدها" [مسند أحمد (٣/ ٢٧٤)، المعرفة والتاريخ (٣/ ١٤٢)].
وقال أبو داود في سؤالاته للإمام أحمد (٥٣٨): "سئل أحمد: مَن الذي قال: تجوَّزتُ عن أربعة أحاديث لقتادة؟ قال: شعبة، أحدها: "أقيموا صفوفكم"".
قال ابن حجر في الفتح (٢/ ٢٠٩) معلقًا على رواية الطيالسي: "ولم أره عن قتادة إلا معنعنًا، ولعل هذا هو السر في إيراد البخاري لحديث أبي هريرة معه في الباب تقوية له".
قلت: والأقرب عندي -والله أعلم- أن جزم شعبة بعدم سماع قتادة لهذا الحديث من أنس كان اجتهادًا منه، معتمدًا فيه على الظن، فإنه لم يسأله، ولو سأله لبين له قتادة؛ سمعه أم لا، فلما لم يسأله خاف أن يكون من غير سماع، ثم غلب على ظنه عدم السماع فجزم به، وأصل هذا الحديث قد رواه عن قتادة جماعة من أصحابه، مثل: همام، وأبان، ومعمر، وغيرهم، وقد وقع التصريح بسماعه من أنس في رواية أبان [السابق ذكرها برقم (٦٦٧)]، نعم بلفظ مختلف، لكن يبدو لي أنه حديث واحد رواه قتادة على وجوه، والله أعلم.
ولم يكن ليخفى قول شعبة هذا على الشيخين، لكن لما ترجح لهما اتصال الحديث، وعدم انقطاعه: أخرجاه، فلم يثبت في طرق الحديث أن قتادة دلسه، أو أنه سمعه من أنس بواسطة، بل ثبت سماعه منه في رواية أبان المتقدمة، والله أعلم.
• وممن تابع شعبة على لفظه هذا، أو قريبًا منه:
أ- همام بن يحيى [ثقة، من أصحاب قتادة]، عن قتادة، عن أنس، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن من حسن الصلاة إقامة الصف".
أخرجه أحمد (٣/ ١٢٢).
وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
ب- معمر بن راشد، عن قتادة، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله، يعني: مثل حديث جابر الآتي في الشواهد بلفظ: "إن من تمام الصلاة إقامة الصف".
أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٤٤/ ٢٤٢٦)، ومن طريقه: أبو يعلى (٥/ ٤٦٣/ ٣١٨٨).
ومعمر سيئ الحفظ لحديث قتادة؛ لأنه إنما جلس إليه وهو صغير فلم يحفظ عنه [انظر: شرح علل الترمذي (٦٩٨)]، فهو جيد في المتابعات.
ج- مسعر بن كدام [ثقة ثبت]، عن قتادة، عن أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أقيموا صفوفكم؛ فإن من حسن الصلاة إقامة الصف".
أخرجه الطبراني في الأوسط (١/ ١٥٢/ ٤٧٥) و (٥/ ٢٦٤/ ٥٢٧١)، وأبو بكر ابن المقرئ في معجمه (٦٧٩) [لكن سقط مِن إسناده مَن بين ابن المقرئ والعدني]. وأبو نعيم في الحلية (٧/ ٢٥٩) و (٨/ ٣٠١).