أصحاب الصحاح، ومحمد بن القاسم الأسدي هذا: متروك، منكر الحديث، كذبه أحمد والدارقطني [التهذيب (٣/ ٦٧٨)، الميزان (٤/ ١١)].
وإنما يُعرف بهذا الإسناد عن أبي هريرة موقوفًا عليه قوله:
قال عباس الدوري في تاريخه (٤/ ٤١٦/ ٥٠٤٦): "سألت يحيى عن حديث: ثور، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن مكحول، عن يزيد بن جابر، عن أبي هريرة: يجزئ من السترة مثل مؤخرة الرحل؟ فقال: هذا مستقيم الإسناد، هكذا يحدث ثور به".
وسئل عنه الدارقطني فقال: "يرويه يزيد بن يزيد بن جابر واختلف عنه، فرواه ثور بن يزيد، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن مكحول، عن يزيد بن جابر، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قاله محمد بن القاسم الأسدي عنه، وغيره لا يرفعه.
ورواه الثوري، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن أبيه، عن أبي هريرة موقوفًا، ولم يذكر مكحولًا، والأول أصح" [العلل (٩/ ٤٧/ ١٦٣٣)].
قلت: وهو كما قالا؛ فمن رواه عن ثور بن يزيد به موقوفًا أصح، وثور بن يزيد: حمصي، ثقة ثبت، وهو أعلم بحديث أهل الشام، ولا يحتمل أن الدارقطني أراد رواية محمد بن القاسم الأسدي المرفوعة، فإن الدارقطني نفسه ممن كذبه، وأعل روايته.
نعم، رواه سفيان الثوري [وهو: إمام حجة، حافظ متقن]، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: إذا كان قدر آخرة الرحل -أو قال: مؤخرة الرحل- وإن كان قدر الشعرة أجزأه.
أخرجه عبد الرزاق (٢/ ١٢/ ٢٢٩٠)، وابن المنذر في الأوسط (٥/ ٨٨/ ٢٤٣٥) [وتصحف في المطبوعة سفيان إلى مسكين].
لكن رواه ثور فأثبت مكحولًا، وتوبع على ذلك:
فرواه علي بن الجعد [ثقة ثبت]: أنا محمد بن راشد [المكحولي الدمشقي: صدوق، سمع من مكحول]، عن مكحول؛ أن يزيد بن جابر الأزدي أخبره: أنه سأل أبا هريرة: ما يستر المصلي في صلاته؟ فقال: مثل مؤخرة الرحل، وإن كان مثل الخيط في الدقة.
أخرجه أبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (٣٤١٣)، ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (٦٥/ ١٣٥).
فهو موقوف على أبي هريرة بإسناد شامي متصل، لا بأس به، رجاله ثقات، غير يزيد بن جابر، فقد روى عنه: مكحول، وابنه عبد الرحمن، والوليد بن سليمان بن أبي السائب، وهم ثقات، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن معين عن الموقوف: "هذا مستقيم الإسناد" [تاريخ الدوري (٤/ ٤١٦/ ٥٠٤٦)، التاريخ الكبير (٨/ ٣٢٣)، الجرح والتعديل (٩/ ٢٥٥)، الثقات (٥/ ٥٣٥)، تاريخ دمشق (٦٥/ ١٣٤)، بيان الوهم (٣/ ١٥٠/ ٨٥٩)، وقال: "مجهول الحال". اللسان (٨/ ٤٩٠)].