قال الدارقطني:"غريب من حديث عبد الله بن شوذب عن مطر الوراق عن حميد عنه، هكذا حدث به الوليد بن مزيد عن ابن شوذب، وتابعه ضمرة".
قلت: اختلف فيه على ضمرة، فروي عنه بالوقف وبالرفع، وتابعهما أيضًا: محمد بن كثير المصيصي [وهو: صدوق، كثير الغلط]، فرواه عن ابن شوذب به، لكن برفع شقيه، في رواية عنه، ورواه عن مطر أيضًا: إبراهيم بن طهمان [ثقة]، وسويد بن سعيد [ضعيف، وقرن مطرًا بقتادة].
هكذا أوقف سليمان بن المغيرة ومن تابعه أول هذا الحديث على أبي ذر، وهو تقصير، فإن آخرَه يدلُّ على رفع أوله، وهكذا رفعه بشقيه -وهو الصواب- أكثر من رواه عن حميد بن هلال من الثقات الحفاظ، كما سيأتي، والذي يظهر لي -والله أعلم- أن بعض الأئمة أجروا هذا مجرى المرفوع لدلالة شقه الثاني عليه، فلم يعدوه اختلافًا على حميد بن هلال، ولذا فلم ينبه على ذلك مسلم، بل ولا أكثر من رواه، ممن قرن سليمان بن المغيرة بغيره ممن روي الحديث مرفوعًا بشقيه.
وقد ذكر ابن حبان في صحيحه (٦/ ١٤٥) بأن رواية سليمان توهم أن أول هذا الخبر غير مرفوع، ثم استدل برواية شعبة على رفعه.
وقال البيهقي:"أخرجه مسلم بن الحجاج في الصحيح من حديث: شعبة، ويونس بن عبيد، وسليمان بن المغيرة، وجرير بن حازم، وسلم بن أبي الذيال، وعاصم الأحول، عن حميد بن هلال، فساق حديث يونس، ثم أحال عليه حديث الباقين، وهذا منه رحمنا الله وإياه تجوز، ... "، ثم ذكر رواية سليمان، ثم قال:"رواه مسلم في الصحيح عن شيبان بن فروخ؛ إلا أنه لم يسقه، وهكذا قاله عاصم الأحول عن حميد، جعل أول الحديث من قول أبي ذر، ثم جعله مرفوعًا بالسؤال في آخره، وأعرض محمد بن إسماعيل البخاري عن الاحتجاح برواية عبد الله بن الصامت، واحتج بها غيره من الحفاظ، وقد أشار الشافعي رَحِمَهُ اللهُ إلى تضعيف الحديث في هذا الباب، وخلافه ما هو أثبت منه، فإما أن يكون غير محفوظ، أو يكون المراد به أن يلهو ببعض ما يمر بين يديه فيقطعه عن الاشتغال بها؛ إلا أنه لا يفسد الصلاة، وهذا الذي حمل الحديث عليه أولى به، فنحن نحتج بمثل إسناد هذا الحديث، وله شواهد بعضها صحيح الإسناد مثله"، ثم أتبعه بحديث أبي هريرة الآتي في الشواهد، وكذلك حديث ابن عباس وغيره.
• وأخرجه من طريق شعبة:
مسلم (٥١٠)، وأبو عوانة (١/ ٣٨٦/ ١٤٠٠ و ١٤٠١)، وأبو نعيم في المستخرج (٢/ ١١٧/ ١١٢٦)، والنسائي في الإغراب (٦٧ - الرابع)، وابن ماجه (٩٥٢)، والدارمي (١/ ٣٨٥/ ١٤١٤)، وابن خزيمة (٢/ ٢١/ ٨٣٠)، وابن حبان (٦/ ١٤٦/ ٢٣٨٥)، وأحمد (٥/ ١٤٩ و ١٦١)، والطيالسي (١/ ٣٦٢/ ٤٥٤)، والبزار (٩/ ٣٦٦/ ٣٩٤٣)، وابن جرير الطبري