وقال [في رواية علي بن سعيد]: "هو حديث ثبت، يرويه شعبة وسليمان بن المغيرة"، ثم قال: "ما في نفسي من هذا الحديث شيء" [الفتح لابن رجب (٢/ ٧٠٠)].
وقال في مسائل ابن هانئ (٣٣٠): "ما في قلبي منه شيء".
وقال أبو حاتم: "حديث أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يقطع الصلاة الكلب الأسود البهيم": أصح من حديث أبي سعيد: "لا يقطع الصلاة شيء"" [العلل (١/ ٧٦/ ٢٠٤)].
وقال الترمذي: "حديث أبي ذر: حديث حسن صحيح".
وقال ابن المنذر: "وهو خبر صحيح، لا علة له".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (٢١/ ١٦٨): "الآثار المرفوعة في هذا الباب كلها صحاح من جهة النقل؛ غير أن حديث أبي ذر وغيره في المرأة والحمار والكلب: منسوخ، ومعارَض، فمما عارضه أو نسخه عند أكثر العلماء: حديث عائشة المذكور في هذا الباب".
وقال الحازمي: "هذا حديث صحيح، تفرد مسلم بإخراجه في الصحيح".
ورده الإمام الشافعي لمعارضته لحديث ابن عباس في مروره بالأتان بين يدي الصف، ولحديث عائشة في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - إليها وهي معترضة بينه وبين القبلة، وقال: "وهو عندنا غير محفوظ" [اختلاف الحديث (١٠/ ١٢٦ - الأم)، معرفة السنن والآثار (٢/ ١٢٤)]، مع كون هذه الأحاديث المعارضة يمكن الجمع بينها وبين حديث أبي ذر، كما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى.
ومع كون البيهقي ممن نصر الشافعي ومذهبه، فلم يذهب إلى ما ذهب إليه الشافعي، بل عارضه بقوله: "هذا الحديث صحيح إسناده، ونحن نحتج بأمثاله في الفقهيات، وإن كان البخاري لا يحتج به، وله شواهد عن أبي هريرة وابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد اشتغل بتأويله في رواية حرملة، وهو به أحسن"، ثم أسند إلى حرملة قوله: "سمعت الشافعي يقول في تفسير حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يقطع الصلاة: المرأة والكلب والحمار"، قال: يقطع الذِكرَ: الشغلُ بها، والالتفات إليها؛ لا أنه يفسد الصلاة، ... ".
• ولحديث أبي ذر شواهد، منها:
١ - حديث أبي هريرة:
يرويه عبد الواحد بن زياد: حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن الأصم: حدثنا يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يقطع الصلاة: المرأة، والحمار، والكلب، ويقي ذلك: مثلُ مؤْخِرة الرحل".
أخرجه مسلم (٥١١)، وأبو عوانة (١/ ٣٨٦/ ١٤٠٣)، وأبو نعيم في المستخرج (٢/ ١١٨/ ١١٣١)، وإسحاق بن راهويه في مسنده (١/ ٣٢٨/ ٣١٤)، وأبو العباس السراج في مسنده (٣٧١ و ٤٠٢)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (٣٨٩)، وابن حزم في المحلى (٤/ ٩)، والبيهقي (٢/ ٢٧٤)، والمزي في التهذيب (١٥/ ١٦٥).