ولابن فضيل فيه وهم آخر، فقد رواه من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا من فعله:
رواه ابن فضيل، عن حصين ويزيد بن أبي زياد، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يجزئ من الوضوء المد، ومن الجنابة الصاع".
فقال له رجل: لا يكفينا ذلك يا جابر، فقال: قد كفى من هو خير منك، وأكثر شعرًا.
أخرجه ابن خزيمة (١/ ٦٢/ ١١٧)، والحاكم (١/ ١٦١)، وابن السكن [بيان الوهم (٥/ ٢٧٠/ ٢٤٦٦)، إتحاف المهرة (٣/ ١٢٦/ ٢٦٥٤)]، وابن أبي شيبة (١/ ٧٠٨/٦٦)، وعبد بن حميد (١١١٤)، وأبو بكر الأثرم في السنن (٨٦ و ٨٧)، والبيهقي (١/ ١٩٥).
وقد اغتر بذلك ابن القطان الفاسي، فصحح إسناده؛ لأجل حصين، وقد علمت ما فيه [بيان الوهم (٥/ ٢٧٠/ ٢٤٦٦)]، وما وقع في سنن الأثرم من إفراد حصين فهو من اجتهاد المحقق.
• وبناء على ما تقدم: فقد تفرد بهذا الحديث عن سالم بن أبي الجعد: يزيد بن أبي زياد الكوفي: وهو ضعيف، كبر فتغير، وصار يتلقن، وكان شيعيًا [التقريب (١٠٧٥)]، فمثله لا يحتمل تفرده عن سالم.
وعليه فهو حديث ضعيف، وبذا تعلم ما في قول الحافظ في الفتح (١/ ٣٦٥): "بإسناد صحيح".
• وممن وهم في هذا الإسناد على يزيد بن أبي زياد، وفي متنه أيضًا:
حبان بن علي العنزي [وهو: ضعيف]، رواه عنه: بكر بن يحيى بن زبان العنزي [قال أبو حاتم: "شيخ"، وذكره ابن حبان في الثقات. الجرح (٢/ ٣٩٤)، وقال في التقريب (١٧٦): "مقبول"].
• واختلف على بكر فيه:
أ- فرواه محمد بن المؤمل بن الصباح، وعباد بن الوليد [وهما: صدوقان]، قالا: حدثنا بكر بن يحيى بن زبان: حدثنا حبان بن علي، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يجزئ من الوضوء مد، ومن الغسل صاع".
فقال رجل: لا يجزئنا. فقال: قد كان يجزئ من هو خير منك وأكثر شعرًا، يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم -. هكذا من قوله.
أخرجه ابن ماجه (٢٧٠).
ب- ورواه إبراهيم بن المستمر العروقي [صدوق يغرب. التقريب (١١٦)]، قال: نا بكر بن يحيى بن زبان العنزي، قال: نا مندل -يعني: ابن علي-، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن أبيه، عن جده عقيل بن أبي طالب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع. هكذا من فعله.