ولم يسنده إلا أبو حنيفة مختصرًا، وأحسب أن الليث أخطأ في اسم أبي حنيفة، فقال: طلحة، وما كان هذا عند أحد إلا عند عبد الملك بن شعيب، ورواه إسحاق الأزرق عن أبي حنيفة مختصرًا قوله:"من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة"".
وقال الحاكم: "هذه الرواية لا تسوي سماعها، ولا الكلام عليها؛ فإنا لا نعلم في الرواة من اسمه طلحة يروي عنه الليث، ويروي عن موسى، ... " [مختصر الخلافيات (٢/ ١١١)].
وقال البيهقي: "هذا هو الصحيح: عن الليث بن سعد عن يعقوب"، وتابع الدارقطني عن تجهيل أبي الوليد، وقال بأنه لا تقوم به الحجة، وقال أيضًا بأن طلحة هذا: رجل مجهول.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (١١/ ٤٨): "وقد رواه الليث بن سعد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن أبي الوليد عن جابر بن عبد الله، فأدخل بين عبد الله بن شداد وبين جابر أبا الوليد هذا، وهو مجهول لا يعرف، وحديثه هذا لا يصح".
وقال الخطيب في الموضح: "وروى حديث أبي حنيفة: عبد الله بن وهب عن الليث بن سعد عن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي عن أبي حنيفة عن موسى بن أبي عائشة كما قدمناه كذلك، رواه عن ابن وهب ابن أخيه أبو عبيد الله أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، وخالفه: عبد الملك بن شعيب بن الليث، فرواه عن عبد الله بن وهب عن الليث عن طلحة عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن أبي الوليد عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -، وطلحة وأبو الوليد: لا يعرفان، ولم يروه هكذا إلا عبد الملك بن شعيب، وقول أبي عبيد الله عن عمه: أصح، واللّه أعلم".
قلت: هكذا رجحوا قول ابن أخي ابن وهب [على ضعفه]، على قول عبد الملك بن شعيب [وهو ثقة]، وذلك لكون رواية ابن أخي ابن وهب هي الموافقة لرواية من روى هذا الحديث من الثقات وغيرهم، وأن وصل هذا الحديث إنما يُعرف من حديث أبي حنيفة والحسن بن عمارة، وطلحة المذكور في إسناد عبد الملك لا يُعرف إلا في هذا الإسناد الذي انفرد به عبد الملك، وهو على خلاف ما رواه الناس، فدل على وهم عبد الملك فيه، وأنه قد أسقط من إسناده أبا حنيفة وأبا يوسف، وقلب الإسناد فجعل مكانهما: طلحة هذا، والله أعلم.
• وأما أبو الوليد المذكور في رواية أبي يوسف؛ فقد ذهب جماعة من الأئمة النقاد إلى أنه رجل مجهول، لا يُعرف إلا في هذا الإسناد، وممن قال بهذا: ابن خزيمة، وابن أبي داود، والدارقطني، والبيهقي، وابن عبد البر، والخطيب، وتقدم نقل كلامهم غير ابن خزيمة.
قال ابن خزيمة: "أبو الوليد: مجهول، لا يُدرى من هو"، إلى أن قال: "وذكر جابر في هذا الخبر خطأ فاحش" [القراءة خلف الامام للبيهقي (١٥١)].