روياه عن محمد بن المنكدر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سيجئ قوم يقرؤون القرآن، يُقيمونه إقامة القِدْح، يتعجَّلون أجره، ولا يتأجَّلونه".
وفي رواية للثوري:"اقرؤوا القرآن، وسلوا الله به، فإنه سيقرؤه أقوام يقيمونه إقامة القِدْح، يتعجَّلونه ولا يتأجَّلونه".
أخرجه عبد الرزاق (٣/ ٣٨٢/ ٦٠٣٤)، وسعيد بن منصور في سننه (١/ ١٥٠/ ٣٠)، وابن أبي شيبة (٦/ ١٢٥/ ٣٠٠٠٤)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (١٩)، والبيهقي في الشعب (٢/ ٥٣٨/ ٢٦٤١).
قلت: وعلى هذا فالمرسل هو المحفوظ، فالحديث مرسل بإسناد صحيح، وله شواهد تقويه وتعضده وتشهد بصحته، يأتي ذكرها، مثل: حديث سهل بن سعد، وحديث حذيفة، وحديث عبد الرحمن بن شبل، والله أعلم.
• قال الكلاباذي:"معناه والله أعلم: يريدون به العاجلة؛ عرض الدنيا وحطامها، والرفعة فيها، "ولا يتأجلونه"؛ أي: لا يريدون به الدار الآخرة وما عند الله تعالى، فمعناه: أنهم لا يقرؤون القرآن للآجلة، بل يقرؤونه للعاجلة، فمن أراد به الدنيا، وترسل في قراءته، ورتَّله: فهو متعجِّل، ومن أراد به الآخرة، ومرَّ فيه، متعجلًا قراءته، بعد أداء الحروف حقَّها: فهو متأجِّل، الدليل على ذلك: ما روي من ختم عثمان - رضي الله عنه - في ليلة واحدة".
وقال الطيبي في شرحه على المشكاة (٥/ ١٦٩١): "وفي الحديث رفع الحرج، وبناء الأمر على المساهلة في الظاهر، وتحري الحسبة والإخلاص في العمل، والتفكر في معاني القرآن، والغوص في عجائب أمره"، ثم نقل عن الشيخ أبي حامد الغزالي في كتابه الإحياء (١/ ٢٨٤) ما ذكره من التخلي عن موانع الفهم، وأن أكثر الناس منعوا من فهم معاني القرآن لأسباب وحُجُبٍ أسدلها الشيطان على قلوبهم، فعميت عليهم عجائب أسرار القرآن، ثم ذكر أن حُحُب الفهم أربعة؛ أولها: أن يكون الهمُّ منصرفًا إلى تحقيق الحروف بإخراجها من مخارجها، يلبس الشيطان بذلك على بعض القراء ليصرفهم عن فهم معاني كلام الله عز وجل، فمن كان تأمله للقرآن مقصورًا على مخارج الحروف وضبط أحكام التجويد فأنى تنكشف له المعاني، والله أعلم.
وقال في المرقاة (٥/ ٨٥): "فكل واحدةٍ من قراءتكم حسنةٌ مرجوةٌ للثواب إذا آثرتم الآجلة على العاجلة، ولا عليكم أن لا تقيموا ألسنتكم إقامة القِدْح، وهو السهم قبل أن