هذا الموضع، فإنه لم يرو منكرًا، وإنما روى صحيحًا، قد ثبت عن عدد من الصحابة، في صفة سجود النبي - صلى الله عليه وسلم - مجخِّيًا مخوِّيًا مجافيًا يديه عن إبطيه، يُرَى بياضُ إبطيه وهو ساجد.
وإنما تُرَدُّ رواية مثله عند المخالفة، وعند التفرد بما لا يتابع عليه، والله أعلم.
• ورواه ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُرَى بباضُ إبطيه إذا سجد.
ولفظه عند أحمد وبنحوه عند الطيالسي والطوسي: جاء رجل إلى ابن عباس، فقال: إن مولاك إذا سجد: وضع جبهته وذراعيه وصدره بالأرض، فقال له ابن عباس: ما يحملك على ما تصنع؟ قال: التواضع، قال: هكذا ربضة الكلب، رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد رُئي بباض إبطيه.
أخرجه أحمد (١/ ٢٣٣ و ٣٢٠ و ٣٥٢)، وابن وهب في الجامع (٣٩٤)، والطيالسي (٤/ ٤٤٧/ ٢٨٥٠)، وابن سعد في الطبقات (١/ ٤٢١)، وابن أبي شيبة (١/ ٢٦٤٣/٢٣١) (٢/ ٢٦٥٨/٤٧١ - ط عوافة)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (٢/ ١٣٦/ ٢٦١)، والطبراني في الكبير (١١/ ٤٣٠/ ١٢٢١٩).
وشعبة هذا هو: ابن دينار المديني، مولى ابن عباس، قال فيه مالك -وهو الحكم في أهل المدينة-: "ليس بثقة"، وهذا جرح شديد، موافق لقول ابن حبان فيه: "يروي عن ابن عباس ما لا أصل له، كأنه ابن عباس آخر"، لكن الجمهور على تليينه، وأنه ليس بقوي [انظر: التهذيب (٢/ ١٧٠)، الميزان (٢/ ٢٧٤)، سؤالات أبي داود (١٦٠)، الجرح والتعديل (٤/ ٣٦٧)، وقد تقدم له حديث منكر في السنن برقم (٢٤٦)].
ولو احتملناه هنا لقول أحمد فيه: "ما أرى به بأسًا"، ولأن اثنين من المتشددين في الرجال اكتفيا بتليينه، فقال فيه أبو حاتم والنسائي: "ليس بقوي"، فإنما نحتمله لما توبع فيه، وتبين لنا أنه حفظه وضبطه، ولم ينفرد به، فها هو أربدة التميمي يروي مثل روايته عن ابن عباس، ويتابعه عليها، فتشهد رواية أحدهما للآخر، وتدل على صدقها، والله أعلم.
• وله إسناد آخر عن ابن عباس، لكنه واهٍ جدًّا [عند: الطبراني في مسند الشاميين (٢/ ٢٨٧/ ١٣٥٥)] [وفي إسناده: عبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة بن صهيب الحمصي: متروك، منكر الحديث، لم يرو عنه غير إسماعيل بن عياش. التهذيب (٢/ ٥٩٠)، الميزان (٢/ ٦٣٢)، الكامل (٥/ ٢٨٥)].
• وانظر أيضًا في الأباطيل؛ أطراف الغرائب والأفراد (١/ ٤٤١/ ٢٤٠١).
• قال أبو عبيد القاسم بن سلام: "جخَّ: أي فتح عضديه في السجود"، قلت: قد جاء مفسرًا في الرواية: وهو مُجَخٍّ، قد فرَّج بين يديه، وتقدم تفسيره عند الحديث السابق برقم (٨٩٦) [وانظر: معالم السنن (١/ ٢١٥)].
***