يصح عن أبي هريرة"، قلت: رواه ابن وهب، عن عيسى بن يونس وعبد الله بن المبارك، عن الأوزاعي، عن قرة بن عبد الرحمن، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: حذف السلام سُنَّة؟ فقال أبي: هو حديث منكر".
وقال ابن القطان في بيان الوهم (٥/ ١٤٢/ ٢٣٨٥): "وهو لا يصح لا موقوفًا هكذا، ولا مرفوعًا كما ذكره أبو داود، من أجل أنه في حاليه من رواية قرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل، الذي يقال له: كاسر المد، وهو ضعيف، ولم يخرج له مسلم محتجًا به، بل مقرونًا بغيره"، وقال في موضع آخر (٥/ ٢٧٤٧/٥١٠): "صححه الترمذي، ولم ينبه أبو محمد على أنه من رواية قرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل، وهو منكر الحديث"، وكذا في (٥/ ٦٩٥).
قلت: فهو حديث منكر؛ لتفرد قرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل عن الزهري به دون أصحاب الزهري الثقات على كثرتهم، وتقدمهم في الحفظ والضبط والإتقان، وكثرة الرواية عن الزهري، وطول صحبته، واختصاصهم به، مثل: مالك ومعمر والزبيدي وشعيب وعقيل ويونس وابن عيينة، وهم خلق كثير، فكيف ينفرد عنهم قرة بهذا، وهو: ليس بقوي، روى أحاديث مناكير، وقال فيه أحمد: "منكر الحديث جدًّا" [انظر: التهذيب (٣/ ٤٣٨)، وقد تقدم معنا مرارًا].
وانظر: الآداب الشرعية (١/ ٣٦١).
* وقد احتج بعضهم في هذا المعنى:
بما روي مرفوعًا: "التكبير جزم، والسلام جزم"، قال ابن الملقن في البدر المنير (٣/ ٥١٦): "هذا الحديث لا أعلم من رواه هكذا مرفوعًا؛ وإنما أعرفه من قول إبراهيم النخعي: التكبير جزم، والسلام جزم"، وقال ابن حجر في التلخيص (١/ ٢٢٥): "لا أصل له بهذا اللفظ، ... ".
قلت: قول إبراهيم النخعي هذا علقه الترمذي في جامعه (٢٩٧) بعد حديث: "حذف السلام سُنَّة"، بصيغة التمريض، كما تقدم ذكره.
ووصل أوله: عبد الرزاق في المصنف (٢/ ٢٥٥٣/٧٤)، عن يحيى بن العلاء، عن مغيرة، عن إبراهيم.
ويحيى بن العلاء البجلي الرازي: كذاب، يضع الحديث [التهذيب (٤/ ٣٨٠)، الميزان (٤/ ٣٩٧)].
فلا يثبت في هذا حديث ولا أثر [تقدم تحت الحديث رقم (٨٣٧)].
* ومما احتج به بعضهم أيضًا في هذا الباب:
ما رواه الثوري، عن نسير بن ذعلوق، عن خليد الثوري، قال: سمعت عمار بن ياسر، يقول: احذفوا هذه الصلاة قبل وسوسة الشيطان.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (٣/ ١٩٨)، وعبد الرزاق (٢/ ٣٦٧/ ٣٧٢٨)،