رواه عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب؛ قالا:
حدثني أسامة بن زيد [الليثي]: حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البيع والاشتراء في المسجد.
أخرجه أحمد (٢/ ٢١٢)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (٥٣٥).
وهذا إسناد حسن؛ لأجل ما قيل في سلسلة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده [وانظر الكلام عليها مفصلا عند الحديث رقم (١٣٥)].
ومما قلت هناك: فالصحيح في سلسلة: عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أنه لا يقبل مطلقًا؛ فيصحح أو يحسن بمجرد الإسناد، ولا يرد مطلقا؛ فيضعف بمجرد الإسناد، ولكن ينظر في المتن فإن أتى بمتن معروف، له أصل يشهد له: قُبِل، وإن أتى بما يُنكَر رُدَّ، والله أعلم.
° وقد اشتمل حديث عبد الله بن عمرو هذا على أربعة أطراف:
الأول: النهي عن البيع والشراء في المسجد [وانظر: تخريج أحاديث الذكر والدعاء برقم (٧٦) (١/ ١٤٩)].
والثاني: النهي عن نشد الضالة في المسجد، وقد سبق أن بوب له أبو داود، وأخرج فيه حديث أبي هريرة برقم (٤٧٣)، وهو في صحيح مسلم (٥٦٨)، وقد سبق تخريجه مع أحاديث الباب في أحاديث الذكر والدعاء برقم (٧٥) (١/ ١٤٨).
والثالث: النهي عن إنشاد الشعر في المسجد، وسيعقد أبو داود للشعر بابًا في كتاب الأدب في آخر السنن، وسيذكر فيه قصة حسان بن ثابت وهو يُنشِد في المسجد برقم (٥٠١٣ و ٥٠١٤)، وسوف أتكلم هناك إن شاء الله تعالى عن أدلة الباب المتعارضة.
والرابع: النهي عن التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة، وهذا هو موضوع الباب.
وهو حديث حسن.
قال الترمذي: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: حديث حسن.
وعمرو بن شعيب هو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال محمد بن إسماعيل: رأيت أحمد وإسحاق - وذكر غيرهما - يحتجون بحديث عمرو بن شعيب.
قال محمد: وقد سمع شعيب بن محمد، من عبد الله بن عمرو، ومن تكلم في حديث عمرو بن شعيب إنما ضعفه؛ لأنه يحدث عن صحيفة جده؛ كأنهم رأوا أنه لم يسمع هذه الأحاديث من جده. قال علي بن عبد الله، وذكر عن يحيى بن سعيد أنه قال: حديث عمرو بن شعيب عندنا واهٍ.
قلت: قد صحح أو احتج به على منع التحلق قبل صلاة الجماعة جماعة من الأئمة، مثل: أبي داود، والنسائي، وابن خزيمة، وابن ماجه، وغيرهم.
قال ابن خزيمة: "باب الزجر عن الحِلَق يوم الجمعة قبل الصلاة".
بل إن ابن مهدي قد احتج بهذا الحديث على عدم التحلق قبل الجمعة، ولما ناقش