رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم إلى جذع، فيخطب بوم الجمعة، وأنه لما صنع المنبر تحوَّل إليه، فحن الجذع، فأتاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمسحه [فسكن].
أخرجه ابن حبان (١٤/ ٤٣٥ - ٤٣٦/ ٦٥٠٦)، وابن الأعرابي في المعجم (٣/ ٩٠٠/ ١٨٨٥)، وأبو محمد الفاكهي في فوائده عن ابن أبي مسرة (٢١٩)، وأبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى (١/ ق ١٢٣)، والبيهقي في الدلائل (٢/ ٥٥٧).
• والحاصل: فهذا الحديث قد رواه خمسة من الثقات - وبعضهم حفاظ - عن معاذ بن العلاء، واختلف على يحيى بن كثير العنبري، فرواه مرة عن معاذ، ورواه مرة عن أبي حفص بن العلاء، وتابعه على الوجه الثاني: عبد الله بن رجاء الغداني، حيث قال: حدثنا أبو حفص بن العلاء، عن نافع، عن ابن عمر.
فإما أن يكون ليحيى بن كثير أبي غسان العنبري في هذا الحديث شيخان، وهما: أبو حفص بن العلاء، ومعاذ بن العلاء، وإما أن يكون الفلاس قد حمل حديث يحيى بن كثير على حديث عثمان بن عمر، على اعتبار أن معاذًا هو نفسه أبو حفص، سماه عثمان بن عمر، وكناه يحيى بن كثير، فقال فيهما معًا: عن معاذ بن العلاء، وإنما يرويه يحيى بن كثير عن أبي حفص، لا عن معاذ، والله أعلم.
وأيًّا كان فالحديث ثابت عن أبي حفص بن العلاء، فقد رواه عنه أيضًا عبد الله بن رجاء الغداني، مما يدل على أنه شخص آخر غير معاذ، وأنهما أخوان، وهذا هو ما يدل عليه سياق البخاري للحديث، حيث أسنده أولًا من طريق أبي حفص، ولذا تعمد إظهار اسمه، ثم علقه من طريق معاذ بن العلاء، ثم من طريق ابن أبي رواد، ثلاثتهم عن نافع به.
ويؤكد ذلك، وهو أن أبا حفص شخص آخر غير معاذ، وليس هو هو، أن كنية معاذ: أبو غسان، قاله وكيع، ويحيى بن سعيد، ومعتمر بن سليمان، وابن معين، والبخاري، ومسلم، وأبو حاتم، والدولابي، وابن حبان، وتبعهم الناس على ذلك [العلل ومعرفة الرجال (٢/ ١٥/ ١٣٩٢)، سؤالات ابن طهمان (١١٦)، سؤالات ابن محرز (١/ ١٠١/ ٤٣٩) و (١/ ١٣٩/ ٧٣٧)، التاريخ الكبير (٧/ ٣٦٥)، كنى مسلم (٢/ ٦٦٣)، كنى الدولابي (٢/ ٨٨٥)، الجرح والتعديل (٨/ ٢٤٨)، الثقات (٧/ ٤٨٢)، الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم (١/ ق ١٢٣)، تاريغ أسماء الثقات (١٤٠٩)، سنن البيهقي (٢/ ٤٣٤)، التهذيب (٤/ ١٠٠)]، فلا يُعرف معاذ بغير هذه الكنية [وهو: ثقة، كما في مصادر ترجمته].
ثم إن الذين ترجموا لمعاذ لم يذكروا في الرواة عنه: يحيى بن كثير العنبري، ولا عبد الله بن رجاء؛ بل إنهما لا يعرفان بالرواية عن معاذ بن العلاء؛ إلا ما وقع في رواية الفلاس، وهي تحتمل الوهم لأجل جمعه بين حديث يحيى بن كثير، وحديث عثمان بن عمر.