يشكل عليه قراءته؛ كذلك فإن كون كتاب هشام كان عند ابنه معاذ مما يشعر بكونه محفوظًا عن الزيادة والإلحاق، مصونًا عن التبديل والتحريف، والله أعلم.
ودعوى الانقطاع والإرسال في هذا الإسناد مردودة، فإن في الإجازة المجردة عن المناولة والتي يحتجون بها: نوع انقطاع [انظر: السنن الأبين (٧١ و ٧٣)]، كما أن فيها نوعًا من الوجادة؛ لكونها رواية من كتاب من غير سماع، والفرق بينها وبين الوجادة التي بين أيدينا فقط الأذن بالرواية، بل الحالة التي معنا أرفع حالًا، حيث إن معاذًا قد سمع من أبيه حديثًا كثيرًا، وهذا لم يسمعه منه، وإنما وجده في كتاب أبيه بخطه، ففيه نوع اتصال، وهل ثمة مانع أن يكون له من أبيه إجازة برواية كتبه؟ كما أن به شبهًا من الكتاب المبعوث إليه، والله أعلم [وانظر: بيان الوهم (٢/ ٣٧٦) و (٥/ ٥٠١ و ٧٠٦)].
ويزيد النفس اطمئنانًا إلى ثبوت هذه الرواية عن قتادة، قول أبي حاتم في العلل (٥٨٧): "رواه بعض حفاظ أصحاب قتادة، عن قتادة، عن أبي أيوب الأزدي، عن سمرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -".
وأبو أيوب الأزدي هو: يحيى بن مالك، قال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الكبرى (٢/ ٤٥٦): "يحيى بن مالك هو: أبو أيوب المراغي الأزدي؛ ثقة مشهور، روى له مسلم والبخاري".
وهذا الحديث: رجاله ثقات، رجال الشيخين؛ إلا أني لم أقف على سماع لأبي أيوب من سمرة، وهو أيضًا قليل الرواية عنه جدًّا [انظر: المعجم الكبير (٧/ ٢٣٢/ ٦٩٦٨)، مسند الشاميين (٤/ ٧٥/ ٢٧٦٧)]، وأما رواية قتادة عن أبي أيوب: فهي في الصحيحين.
والبخاري لما ترجم لأبي أيوب في تواريخه فلم يثبت له سماعًا إلا من جويرية بنت الحارث؛ لذا أخرجه في صحيحه [انظر: صحيح البخاري (١٩٨٦)، التاريخ الكبير (٨/ ٣٠٣)، التاريخ الأوسط (١/ ٢٣٨/ ١١٤٨)، الكنى (٨٥)].
* تابع هشامًا الدستوائي - فيما وقفت عليه -:
سعيد بن بشير [ضعيف]، فرواه عن قتادة، عن أبي أيوب، عن سمرة بن جندب، رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أنه قال:"احضروا الجمعة، وادنوا من الإمام، وإني قد عرفت أن أقوامًا يؤخرون عن دخول الجنة؛ بتأخُّرِهم عن الجمعة، وإن كانوا من أهلها".
أخرجه الطبراني في الأوسط (٤/ ٣٣٨/ ٤٣٧١) [وشيخ الطبراني: عبد الله بن الحسين بن جابر المصيصي: يسرق الحديث، أحاديثه مقلوبة. المجروحين (٢/ ١٠)، اللسان (٤/ ٤٥٦)].
قال الطبراني:"لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا سعيد بن بشير، تفرد به محمد بن بكار"، قلت: هو ابن بلال العاملي، وهو: صدوق، وكلام الطبراني يعني أن شيخه قد توبع عليه، ولم يتفرد به، وكذلك كلام ابن أبي حاتم الآتي ذكره.