للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحافظ الثبت ابن أبي شيبة، لا سيما وقد استشهد بروايته البخاري على كون يونس بن محمد متابعًا لأبي تميلة في جعله من مسند جابر، وتابعه على ذلك الترمذي، لذا قال أبو علي الجياني في تقييد المهمل (٢/ ٥٩٤): "وقول البخاري: صحيح، ومتابعة يونس بن محمد لأبي تميلة: صحيحة"، وقال أيضًا: "ورواية يونس بن محمد لهذا الحديث من طريق جابر بن عبد اللَّه: محفوظة صحيحة من رواية الثقات عن يونس".

وعلى هذا فالراجح أن يونس بن محمد كان يرويه على الوجهين، مرة عن أبي هريرة، وهو الأكثر، ومرة عن جابر.

وأما الاختلاف على أبي تميلة فالراجح فيه قول محمد بن سلام؛ فإنه أثبت وأحفظ ممن قال فيه: عن أبي هريرة، ويحتمل كونه يرويه على الوجهين أيضًا مثل يونس.

يبقى أن محمد بن الصلت أبا جعفر الكوفي [وهو: ثقة، وثقه ابن نمير وأبو زرعة وأبو حاتم، وروى عنه البخاري]: لم يختلف عليه في هذا الحديث، كلهم قالوا عنه: عن أبي هريرة، وتابعه على ذلك أيضًا: الهيثم بن جميل [وهو: ثقة]، كما نقل ذلك أبو مسعود حيث قال [كما في تقييد المهمل (٢/ ٥٩٤)، وفي التحفة (٢/ ٢٢٥/ ٢٢٥٤)]: "وكذلك رواه الهيثم بن جميل عن فليح عن سعيد عن أبي هريرة، كما رواه محمد بن الصلت عن فليح عن سعيد عن أبي هريرة"، ولهذا ذهب إلى ترجيح قول من قال: عن أبي هريرة.

وقد ذكر ابن رجب في الفتح (٦/ ١٦٥) أن أكثر الرواة قال فيه: عن أبي هريرة، ثم قال: "وقد ذكر الإمام أحمد أنه حديث أبي هريرة، وهذا يدل على أن المحفوظ قول من قال: عن أبي هريرة، كما قاله أبو مسعود، خلاف مما قاله البخاري".

قلت: ولعل البخاري معه من القرائن الدالة على صحة قول من قال: عن جابر، وخفيت علينا فلم نطلع عليها، وقد يكون منها أن سعيد بن الحارث مشهور بالرواية عن جابر، وله عنه أحاديث، بخلاف ترجمة سعيد عن أبي هريرة فلم أجد لها في الكتب الستة غير هذا الحديث، وأخيرًا: فإن الاختلاف على صحابي الحديث لا يؤثر هنا على صحته، والأقرب أن يكون محفوظًا عن فليح بالوجهين جميعًا: عن جابر، وعن أبي هريرة، كما ذهب إلى ذلك ابن حجر في التغليق، واللَّه أعلم.

° قال الترمذي بعد حديث أبي هريرة: "وفي الباب: عن عبد اللَّه بن عمر، وأبى رافع. حديث أبي هريرة حديث حسن غريب.

وروى أبو تميلة ويونس بن محمد هذا الحديث، عن فليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، عن جابر بن عبد اللَّه.

وقد استحب بعض أهل العلم للإمام إذا خرج في طريق أن يرجع في غيره، اتباعا لهذا الحديث، وهو قول الشافعي.

وحديث جابر كأنه أصح [ووقع في مختصر الأحكام (٣/ ٧٣)، وفي الأحكام الكبرى (١٩/ ٤٢): "حديث غريب"، وكذا في البدر المنير (٥/ ٨٨)، وفي المغني (٢/ ١٢٤):

<<  <  ج: ص:  >  >>