قلت: وهذا الحديث إنما يُعرف بسلم بن جعفر البكراوي عن الحكم بن أبان، وعنه اشتهر، ولا يتابعه عليه إلا جماعة من المتروكين والمتهمين ممن لا يُعتبر بحديثهم:
* فقد رواه إبراهيم بن الحكم بن أبان: حدثني أبي، عن عكرمة، قال: سمعنا صوتًا بالمدينة، فقال لي ابن عباس: يا عكرمة! انظر ما هذا الصوت؟ قال: فذهبت فوجدت صفية بنت حيي امرأة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد توفيت، قال: فجئت إلى ابن عباس، فوجدته ساجدًا ولما تطلع الشمس، فقلت له: سبحان اللَّه تسجد ولم تطلع الشمس بعد، فقال: يا لا أم لك! أليس قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا رأيتم آيةً فاسجدوا"، فأيُّ آيةٍ أعظمُ من أن يخرجن أمهاتُ المؤمنين من بين أظهرنا ونحن أحياء.
أخرجه ابن حبان في المجروحين (١/ ١١٤)، والبيهقي (٣/ ٣٤٣)، والبغوي في شرح السُّنَّة (٤/ ٣٩٧/ ١١٥٦)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (١/ ٤٧٣/ ٨١٢)، والمزي في التهذيب (١١/ ٢١٦).
قال ابن حبان: "وقد روى هذا عن الحكم بن أبان: حفص بن عمر العدني، وخالد بن يزيد العمري، وهما: ضعيفان واهيان أيضًا".
وقال البغوي: "هذا حديث حسن غريب، وإبراهيم بن الحكم بن أبان العدني من أهل اليمن: سكتوا عنه، قال يحيى بن معين: هو ضعيف".
وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح"، ثم ضعف رواته.
قلت: إبراهيم بن الحكم بن أبان العدني: ليس بثقة، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه، كان يوصل المراسيل عن أبيه [التهذيب (١/ ٦٣)].
وحفص بن عمر بن ميمون العدني: ضعيف، قال العقيلي: "يحدث بالأباطيل"، وقال ابن عدي: "عامة حديثه غير محفوظ" [التهذيب (٢/ ٣٧٤)].
وخالد بن يزيد العدوي العمري: كذاب، ذاهب الحديث [اللسان (٣/ ٣٤٥)].
وعلى هذا: فإن هذه المتابعات الثلاث واهية، لا تعضد رواية سلم بن جعفر، ويبقى حديث سلم بن جعفر غريبًا، إذ هو ممن يصلح حديثه في المتابعات، وقد تفرد بهذا الحديث عن الحكم بن أبان العدني، واللَّه أعلم.
• ويحتمل أن يكون أصل هذا الحديث، ما ثبت عن ابن عباس في الكسوف، من قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا اللَّه" [تقدم تحت الحديث رقم (١١٨١)]، واللَّه أعلم.
• وقد سبق أن ذكرت ما ثبت عن ابن عباس؛ أنه صلى في الزلزلة بالبصرة، ست ركعات وأربع سجدات، تحت الحديث رقم (١١٨٣).
وأما ما رواه هشام الدستوائي، عن قتادة، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عائشة، قالت: صلاة الآيات ستُّ ركعاتٍ في أربعٍ سجداتٍ.
فهو معلول بما رواه ابن جريج عن عطاء، وتقدم الكلام عليه مفصلًا برقم (١١٧٧).