للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هو ابن عقدة، وقد أنكروا عليه كثرة المناكير في حديثه، وقد كذَّب الدارقطني من اتهمه بالوضع، وقال: "إنما بلاؤه من هذه الوجادات"، قال ابن عبد الهادي: "ابن عقدة لا يتعمد وضع متن، لكنه يجمع الغرائب والمناكير، وكثير الرواية عن المجاهيل" [انظر: سؤالات البرقاني (١٥)، سنن الدارقطني (٢/ ٢٦٤) وقال: "ضعيف". تاريخ بغداد (٥/ ١٤)، السير (١٥/ ٣٤٠)، الكشف الحثيث (٧٨)، اللسان (١/ ٢٨٧)، وغيرها].

قلت: وهذا الحديث عندي من مناكيره وغرائبه، وفي الإسناد من لم أميزه ومن لم أعرفه، وقد رواه جماعة من الحفاظ بأسانيد صحيحة، إلى بكير عن عبد الرحمن بن أبي نعم، ليس بينهما عبد الرحمن بن الأسود؛ فهو إسناد منكر.

• حينئذ يبقى النظر في الإسنادين الأول والثاني:

فأقول -وبالله التوفيق-: بكير بن عامر البجلي الكوفي: فيه ضعف، فهو: ليس بالقوي؛ كما سبق أن قررت ذلك فيما سبق، تحت الحديث رقم (٤٥)، وهذا مما يجعلني أحكم على هذا الحديث بالاضطراب؛ إذ الذين رووا الإسنادين عن بكير: ثقات، وتوهيم بكير -على ما فيه من ضعف- أولى من توهيم الثقات المتقنين.

نعم، هذا هو ما يمكن أن يقال في باديء الأمر؛ لكن مع إمعان النظر في هذين الإسنادين يظهر لي: أن كلاهما محفوظ عن بكير بن عامر، وأنه كان عنده على الوجهين جميعًا، فحدث به مرة هكذا، ومرة هكذا.

أقول هذا مع كون بكير بن عامر ليس ممن يحتمل منه التعدد في الأسانيد لما فيه من ضعف، وهذا لأمرين:

الأول: أن أبا نعيم الفضل بن دكين [الثقة المثبت المتقن] قد روى عنه الأسنادين جميعًا.

الثاني: أن بكير بن عامر يروي هذين الحديثين بإسنادين كوفيين بجليين، يرويهما عن رجلين كلاهما من نفس قبيلته -بجيلة-، ومن نفس بلده -الكوفة-، فعبد الرحمن بن أبي نعم وأبو زرعة بن عمرو، كلاهما: كوفي بجلي ثقة.

ويمكن أن أزيد قرينة ثالثة: وهي أن هذين الحديثين حديثان مختلفان يدل على ذلك سياقهما، فهما ليسا بحديث واحد اختلف في إسناده، وإن كان كل منهما في المسح على الخفين، ففي كل حديث منهما قصة مغايرة لما في الآخر، كل واحدة وقعت لصحابي غير الصحابي الآخر، فهما حديثان مختلفان في المسح على الخفين رواهما بكير بن عامر بإسنادين مختلفين.

• وحاصل ما تقدم:

فإنه يقبل من بكير بن عامر حديثه الثاني الذي يرويه عن أبي زرعة عن جرير، وذلك لأنه قد توبع عليه، تابعه شهر بن حوشب، كما سبق تقريره عند الحديث رقم (٤٥)، مما يدل على أنه حفظه وضبطه، فهو حديث حسن.

وأما حديثنا الذي بين أيدينا فهو: حديث ضعيف، تفرد به بكير بن عامر، عن

<<  <  ج: ص:  >  >>