(٦٠/ ٨٨)، طبقات الحنابلة (٢/ ٤٢٢)]، قال: سألت يحيى بن معين عن حديث أبي إسحاق ... فذكره.
وقد أكثر ابن عساكر جدًّا في تاريخه من رواية مرويات المفضل بن غسان الغلابي بهذه السلسلة [فيما يزيد على مائتي موضع]، مما يدل على أنها كانت عنده نسخة للمفضل بهذا الإسناد، ورواة أسانيد النسخ مما يتسمح فيها، لأجل كونها كتاب يروى، الأصل فيه الحفظ من الزيادة والنقصان، وألا يُدخل فيه ما ليس منه، فلا يشترط في رواة أسانيد النسخ والكتب ما يشترط في المرويات الأخرى من الصدق والضبط وشهرة الراوي.
ورواة هذه السلسلة ثقات في الجملة؛ غير محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب بن مروان أبي العلاء الواسطي، أصله من فم الصِّلح، ونشأ بواسط، قال الخطيب في تاريخ بغداد (٣/ ٩٥)(٤/ ١٦٢ - ط. الغرب): "قد جمع الكثير من الحديث، وخرج أبوابًا وتراجم وشيوخًا، كتبت عنه منها منتخبًا"، ثم نقل كلامًا عن بعضهم في القدح في روايته القراءات، ومع ذلك فإن خاتمة المحققين ابن الجزري لم يعتد بهذا القدح فيه حيث نعته في غاية النهاية (٢/ ١٧٥) بقوله: "إمام محقق، وأستاذ متقن، إلا أنه مال إلى كلام الخطيب عنه في الحديث، فقال: "وذكر عنه أشياء تقتضي ضعفه في الحديث"، وبيان ذلك: أن الخطيب تكلم في سماعه لكتاب معاني القرآن لأبي إسحاق الزجاج عن أبي علي الفارسي، وتكلم في سماعه لتاريخ شباب العصفري، ورأى له بعض السماعات الأخرى التي سمَّع فيها لنفسه بخط طري، ثم قال: "ورأيت لأبي العلاء أصولًا عُتُقًا سماعُه فيها صحيح، وأصولًا مضطربة"، ثم ذكر الحديث المسلسل بالأخذ باليد: "من أخذ بيد مكروب أخذ الله بيده"، وقد حدثه أبو العلاء به بسنده المتصل بالأخذ باليد عن الحافظ ابن السقاء عن أبي يعلى الموصلي به، فقال الخطيب: "فلما قرأه على استنكرته، وأظهرت التعجب منه، وقلت له: هذا الحديث من هذا الطريق غريب جدًّا، وأراه باطلًا"، فامتنع بعد ذلك من التحديث به، حيث لم يقف على أصل كتابه مدةً، ثم وجد بعد ذلك أصل كتابه الذي فيه هذا الحديث فحدَّث به الخطيب، ثم اعتذر له بأنه حدثه في المرة الأولى ظنًا منه أنه سمعه من ابن السقاء، وإنما سمعه من أبي الطيب الجعفري، فقال الخطيب: "فأعلمت أبا العلاء أنه حديث موضوع لا أصل له"، ووقع له ذلك أيضًا في حديثين آخرين، حيث حدث بهما من غير أصله، وادعى فيه سماعا من شيخ لم يدركه، وكل ما ذكره الخطيب هنا مما يمكن تأويله والاعتذار عنه؛ كان يقال بأنه ألحق سماعه فيما تيقن أنه سمعه ولم يثبته الكاتب، أو أنه توهم السماع من ذلك الشيخ لهذا الحديث بعينه ثم تبين له أنه سمعه من غيره كما وقع له في الحديث المسلسل بالأخذ باليد، ونحو ذلك من التأويلات الواقعة بسبب الأوهام وعدم الضبط أو النسيان، من غير تعمد للكذب.
قال ابن الجوزي في المنتظم (١٥/ ٣٣٧) في سماع ابن المذهب للمسند من ابن مالك: "وهذا لا يوجب القدح لأنه إذا تيقن سماعه للكتاب جاز أن يكتب سماعه بخطه