للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥ - وروي من حديث أنس مرفوعًا بلفظ: "كان إذا توضأ نضح عانته".

ذكره الدارقطني في غرائب مالك، وقال: "باطل لا يصح".

أورده في اللسان في ترجمة الحسن بن أحمد بن مبارك التستري (٢/ ٢٤٢)، وفي ترجمة قاسم بن عبد الله بن مهدي (٤/ ٥٤٠).

• وحاصل ما تقدم:

أن حديث الحكم بن سفيان يحتاج إلى شاهد قوي يشهد لصحته، وليس فيما تقدم ما يقويه ويعضده سوى حديث جابر بن عبد الله، وفي إسناده ثلاثة من الرواة متكلم فيهم يروى بعضهم عن بعض: عاصم بن علي، عن قيس بن الربيع، عن ابن أبي ليلى؛ ثم قد تفرد به أهل الكوفة عن أهل مكة، فهو غريب، وهذا مما يجعل النفس لا تطمئن إلى ثبوت هذا الحديث، والذي يشتمل على حكم فقهي ألا وهو إتباع الوضوء بنضح الفرج.

فعلى من يقول بأنه سُنَّة، أن يأتي بدليل قوي يشهد له، وليس في أحاديث الباب من القوة ما تثبت به هذه السُّنَّة، والله أعلم.

انظر: شرح العمدة (١/ ١٦٤)، المغنى (١/ ١٠٣)، عارضه الأحوذي (١/ ٥٩)، شرح الزرقاني (١/ ١٢٨) وغيرها. وقد بوب له أصحاب السنن فمنهم من قال كالترمذي: "باب ما جاء في النضح بعد الوضوء"، وقد ضعفه الترمذي جدًّا كما ترى.

ثم على فرض صحة هذا الحديث ففي أكثر الروايات: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بال، ثم توضأ، ونضح فرجه. وكذا في حديث جابر؛ مما يدل على أنها حكاية فعل وقعت مرة واحدة، ولا تدل على مداومة النبي - صلى الله عليه وسلم - عليها، وإلا لحكاها من وصف وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما لم يأت ذكر النضح بعد الوضوء في الأحاديث الصحيحة الكثيرة التي جاءت في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علمنا عدم وقوعه، ولو فرضنا وقوعه لهذا الحديث لقلنا إنما هي حكاية فعل وقع مرة أو مرتين لسبب يقتضيه، وعلى هذا تحمل فتاوى الصحابة في هذه المسألة، وكذا قول الإمام أحمد.

قال حنبل: "سألت أحمد قلت: أتوضأ وأستبرئ وأجد في نفسي أني قد أحدثت بعده؟ قال: إذا توضأت فاستبرئ، ثم خذ كفًّا من ماء فرشه على فرجك، ولا تلفت إليه فإنه يذهب إن شاء الله" [المغنى (١/ ١٠٣)].

وقال ابن المنذر: "وإذا كان الرجل يعتريه كثرة خروج البول منه أو كثرة المذي، انتضح بالماء عند فراغه من طهوره ليدفع بذلك وساوس الشيطان عن نفسه، وليس ذلك مستحب لمن لا علة به، والله الموفق للصواب" [الأوسط (١/ ٢٤٤)].

وانظر فتاوى الصحابة ومن بعدهم في هذا المعنى: مصنف ابن أبي شيبة (١/ ١٥٤)، الأوسط لابن المنذر (١/ ٢٤٣)، والله أعلم.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>