صحيح، والأصل المعتمد عليه فيها هو حديث شهر بن حوشب لكونه أتمها سياقة، ولاتصال إسناده، والله أعلم.
وأما موضع الشاهد منه في الاستشهاد بالآية على قيام الليل مرفوعًا: فهو ثابت عندي لمجيئه من الطريقين الأولين وفيهما انقطاع، ولمجيئه من الطريق التاسعة والثانية عشرة، حديث حماد بن سلمة، وحديث كثير بن هشام، وكثير بن هشام وإن كان قد قصر في إسناده بإسقاط رجل من الإسناد إلا أنه حفظ المتن وأتى به بأتم من رواية علي بن الجعد، فكثير بن هشام قصر في الإسناد وحفظ المتن، وابن الجعد جوَّد الإسناد واختصر المتن ولم يتمه، ويقال مثله في رواية حماد بن سلمة، وعليه: فإن الأقرب عندي أن الاستشهاد بهذه الآية على القيام في جوف الليل محفوظ مرفوعًا، والله أعلم.
[انظر تصرف البخاري في مثل ذلك؛ في الجمع بين حديثين في كل منهما علة، إحداهما في الإسناد والأخرى في المتن، أو كلاهما في الإسناد: راجع: صحيح البخاري (٣٨٤ - ٣٨٢ و ٦٦٣ و ١٣٥٨ و ١٣٥٩ و ١٦٢٦ و ١٩٨٤ و ٣١٤٤ و ٤٣٢٠ و ٤٣٤٤ و ٥٤٠٤ و ٥٤٠٥ و ٦٢٤٣ و ٧٠٨٣)، [وقد سبق أن تكلمت عن بعض هذه الأحاديث في موضعها من فضل الرحيم الودود (١/ ٧٤/ ٢١) و (٨/ ٥٧/ ٧١١)].
٢ - حديث ابن عباس:
يرويه عثمان بن عبد الله بن عفان الشامي: نا محمد بن إبراهيم، عن عبيد الله بن أبي سعيد، عن طاووس، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صلى أربعًا بعد المغرب من قبلِ أن يكلم أحدًا كان أفضل من قيام نصف ليلة، وهي التي يقول الله تعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧)} [الذاريات: ١٧]، وهى التي يقول الله تعالى:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}[السجدة: ١٦]، وهي التي يقول الله تعالى:{وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا}[القصص: ١٥]، ومن صلى أربعًا بعد عشاء الآخرة كأنما صلى هو في المسجد الأقصى، وكأنما وافق ليلة القدر، ومن صلى أربعًا قبل الظهر، وأربعاً بعدها حرمه الله عن النار أن تأكله أبدًا، ومن صلى أربعًا قبل العصر، غفر الله له ألبتة".
أخرجه أبو الفضل الزهري في حديثه (٦٠١)، بإسناده إلى عثمان الشامي هذا.
قلت: هو حديث موضوع، عثمان بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان القرشي الأموي الشامي: كذاب، يسرق الحديث، ويروي الموضوعات عن الثقات، كذبه واتهمه بالوضع جماعة من الأئمة [سؤالات السجزي (٤٢)، المجروحين (٢/ ١٠٢)، اللسان (٥/ ٣٩٤). وغيرها].
• ولم أتعرض هنا للمراسيل لكثرتها.
• وقد رويت أحاديث في فضل الصلاة بين المغرب والعشاء، أو بعد المغرب، وقد ذكرت أكثرها تحت الحديث السابق برقم (١٢٨٤)، فراجعه إن شئت.