وهو حديث جيد، وهو مخرج في الفضل تحت الحديث رقم (١٣٥٥).
وبعد هذا البيان المختصر، فإنه لا ينبغي لأحد الاحتجاج بحديث سعيد بن جبير عن ابن عباس هذا في الأربع بعد العشاء؛ لأنه قد تبين بجمع الروايات أنه - صلى الله عليه وسلم - لما دخل بيته صلى راتبة العشاء ركعتين فقط، ثم فصل بعد ذلك بين كل ركعتين من قيام الليل بنومة، حيث صلى إحدى عشرة ركعة، ركعتين ركعتين، وأوتر بواحدة، والله أعلم.
٢ - حديث عائشة:
رواه ابن أبي عدي، عن بهز بن حكيم: حدثنا زرارة بن أوفى؛ أن عائشة - رضي الله عنها - سئلت عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جوف الليل، فقالت: كان يصلي صلاةَ العشاء في جماعةٍ، ثم يرجعُ إلى أهله، فيركع أربع ركعاتٍ، ثم يأوي إلى فراشه، وينامُ وطَهورُه مغطًّى عند رأسه، وسواكُه موضوعٌ، حتى يبعثه الله ساعتَه التي يبعثه من الليل، فيتسوَّك، ويسبغ الوضوء، ثم يقوم إلى مصلاه، فيصلي ثماني ركعاتٍ، يقرأ فيهنَّ بأمِّ الكتاب، وسورةٍ من القرآن، وما شاء الله، ولا يقعد في شيء منها حتى يقعد في الثامنة، ولا يسلم، ويقرأ في التاسعة، ثم يقعد، فيدعو بما شاء الله أن يدعوه، ويسأله، ويرغب إليه، ويسلِّم تسليمة واحدةً شديدةً، يكاد يوقظُ أهلَ البيت من شدَّة تسليمه، ثم يقرأ وهو قاعدٌ بأمِّ الكتاب، ويركع وهو قاعدٌ، ثم يقرأ الثانية، فيركع ويسجد وهو قاعدٌ، ثم يدعو ما شاء الله أن يدعو، ثم يسلم وينصرف.
فلم تزل تلك صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدُنَ، فنقص من التسع ثنتين، فجعلها إلى الستِّ والسبع، وركعتيه وهو قاعدٌ، حتى قُبِض على ذلك - صلى الله عليه وسلم -.
قلت: وهو حديث شاذ بذكر الأربع بعد العشاء، وبإسقاط سعد بن هشام من إسناده، راجع: تخريجه مفصلًا برقم (١٣٤٦)، وما قبله وما بعده.
٣ - حديث عبد الله بن الزبير:
رواه أبو سلمة منصور بن سلمة الخزاعي [ثقة ثبت حافظ]: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي [لا بأس به]، قال: حدثني نافع بن ثابت، عن عبد الله بن الزبير، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى العشاء صلى أربع ركعات، وأوتر بسجدة، ثم نام حتى يصلي بعدُ صلاتَه من الليل.
أخرجه أحمد (٤/ ٤)، والبزار (٦/ ١٧٦/ ٢٢١٩)، وابن نصر في كتاب الوتر (٢٨٣ - مختصره)، والروياني (١٣٣٨)، والطبراني في الكبير (١٤/ ٢٠٨/ ١٤٨٣٣)، والخطيب في تاريخ بغداد (١١/ ٤٩٢ - ط. الغرب)، والضياء في المختارة (٩/ ٣٣٨ و ٣٣٩/ ٣٠٥ و ٣٠٦)، والذهبي في الميزان (٢/ ٥٩٣). [الإتحاف (٦/ ٦٢٨/ ٧١٢٣)، المسند المصنف (١١/ ١٨٨/ ٥٢٨٦)].
قال البزار:"وهذا الحديث لا نعلم أحدًا يرويه بهذا اللفظ إلا ابن الزبير، ولا نعلم له طريقًا عن ابن الزبير أحسن من هذا الطريق".
وقال ابن رجب في الفتح (٦/ ٢٢٩): "نافع، هو: ابن ثابت بن عبد الله بن الزبير، ورواياته عن جده ابن الزبير منقطعة في ظاهر كلام البخاري وأبي حاتم".