• هكذا رواه معاذ بن معاذ العنبري [ثقة متقن، من أثبت أصحاب شعبة]، عن شعبة به مرفوعًا، وقد خولف في رفعه، وفي متنه:
أ - فقد رواه عفان بن مسلم [ثقة ثبت]، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن مطرف، عن معاوية، قال: ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين. موقوف.
أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٣٢٦/ ٩٥٣٧) (٦/ ٦٦/ ٩٧٩٢ - ط الشثري).
[المسند المصنف (٢٤/ ٥٩٨/ ١١١٣٠)].
ب - ورواه أبو داود الطيالسي [ثقة حافظ]، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن مطرف، عن معاوية، قال: ليلة القدر ليلة سبع وعشرين.
أخرجه الطيالسي (٢/ ٣١١/ ١٠٥٤)، ومن طريقه: البيهقي (٤/ ٣١٢).
قال يونس بن حبيب راوي المسند [وهو: ثقة]: "هكذا قال أبو داود، وبلغني أن معاذ بن معاذ رفعه".
وقال البيهقي: "وقفه أبو داود الطيالسي، ورفعه معاذ بن معاذ".
وقال الدارقطني في العلل (٧/ ٦٥/ ١٢١٧) (٣/ ٢٧٢/ ١٢١٧ - ط الريان): "يرويه معاذ بن معاذ، عن شعبة، عن قتادة، عن مطرف، عن معاوية مرفوعًا.
وكذلك قال فهد بن سليمان، عن عمرو بن مرزوق، وعباد بن زياد الساجي، عن عثمان بن عمر، عن شعبة، ولا يصح عن شعبة مرفوعًا" [نقله ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (٢/ ٥١٧/ ٥١٣)].
قلت: فهد بن سليمان بن يحيى أبو محمد الدلال المصري: ثقة [الجرح والتعديل (٧/ ٨٩)، تاريخ دمشق (٤٨/ ٤٥٩)، تاريخ الإسلام (٢٠/ ٤١٦)]، وعباد بن زياد الساجي: صدوق، ولم أقف على هذين الطريقين عن عمرو بن مرزوق، وعثمان بن عمر بن فارس، وهما ثقتان.
لكنَّ جزمَ الدارقطني بعدم صحة المرفوع عن شعبة، يدل على عدم اعتداده بزيادة الرفع التي أتى بها معاذ بن معاذ، على ثقته وإتقانه، وتقدمه في شعبة، وأنه رأى أن الوقف هو المحفوظ عن شعبة، من جهة تتابع أصحاب شعبة على وقفه، والله أعلم.
والذي يظهر لي أن ثمة سقط وقع قديمًا في العلل، بين قوله: "عن معاوية مرفوعًا"، وقوله: "وكذلك قال فهد بن سليمان"، حيث إنه ذكر رواية الرفع، والتي تفرد بها معاذ العنبري، فاقتضت طريقته في سياق الاختلاف على الراوي الذي عليه المدار: أن يذكر من أوقفه عن شعبة، والذي دلنا على السقط: عدم ذكره لرواية الطيالسي [وهي في مسنده]، ولا رواية عفان [وهي في المصنف]، ومثل هذا لا يخفى على الدارقطني، فدل ذلك على وجود سقط في السياق، وأن الدارقطني ذكر رواية عمرو بن مرزوق وعثمان بن عمر ضمن من رواه عن شعبة موقوفاً، والله أعلم.
فإن كان الأمر كذلك: أصبح عدد الذين أوقفوه عن شعبة أربعة؛ فترجح روايتهم على رواية معاذ المرفوعة، والله أعلم.