للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والدليل على صحَة ما ذكَرَت، يأتي بيانه في سياق طرق هذا الحديث:

• فإن هذا الحديث لم ينفرد به يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم؛ فهو معروف عنه من وجوه أخر؛ فقد رواه:

أ - محمد بن سلمة [الباهلي الحراني: ثقة]، وإبراهيم بن سعد [ثقة حجة، وهو أثبت الناس في ابن إسحاق]، ومحمد بن عبيد [هو: ابن أبي أمية الطنافسي: ثقة]:

عن ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: دخلت على عبد الله بن عمرو [داره، فساءلني وهو يظن أني من بني أم كلثوم بنة عقبة، ففلت له: إنما أنا للكلبية بنة الأصبغ]، قلت: أي عم حدثني عما قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: يا ابن أخي، إني قد كنت أجمعت على أن أجتهد اجتهاداً شديدًا حتى قلت: لأصومنَّ الدهر، ولأقرأنَّ القرآن في كل يوم وليلة، فسمع بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتاني حتى دخل علىَّ في داري، فقال: "بلغني أنك قلت: لأصومنَّ الدهر، ولأقرأنَّ القرأن"، فقلت: قد قلت ذلك يا رسول الله، قال: "فلا تفعل، صم من كل شهر ثلاثة أيام"، قلت: إني أقوى على أكثر من ذلك، قال: "فصم من الجمعة يومين: الاثنين والخميس"، قلت: فإني أقوى على أكثر من ذلك، قال: "فصم صيام داود -عليه السلام-، فإنه أعدل الصيام عند الله، يومًا صائمًا ويوماً مفطرًا، وإنه كان إذا وعد لم يخلف، وإذا لاقى لم يفر".

زاد إبراهيم بن سعد: "واقرأ القرآن في كل شهر مرة"، قال: فقلت: إني لأقوى على أكثر من ذلك يا نبي الله، قال: "فاقرأه في كل نصف شهر مرة"، قال: قلت: إني أقوى على أكثر من ذلك يا نبي الله، قال: "فاقرأه في كل سبع، لا تزيدن على ذلك"، ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وزادها محمد بن عبيد في أول الحديث.

أخرجه النسائي في المجتبى (٤/ ٢١٢/ ٢٣٩٣)، وفي الكبرى (٣/ ١٨٩/ ٢٧١٤)، وأحمد (٢/ ٢٠٠ و ٢٠٠ - ٢٠١) (٣/ ١٤٤٦/ ٦٩٩٥ - ط المكنز) و (٣/ ١٤٤٧/ ٦٩٩٩ - ط المكنز)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (١٧/ ٨٧). [التحفة (٦/ ١٥٠/ ٨٩٦٠)، الإتحاف (٩/ ٦٥٤/ ١٢١٣٢)، المسند المصنف (١٧/ ١٣٣/ ٨٠٠١)].

قلت: انفرد ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم في هذا الحديث بزيادتين: "فصم من الجمعة يومين: الاثنين والخميس"، حيث عيَّن اليومين، وقال: "وإنه كان إذا وعد لم يخلف"، وهما زيادتان شاذتان، فقد رواه عن محمد بن إبراهيم: يحيى بن أبي كثير، ويزيد بن الهاد، ولم يتابعا ابن إسحاق على ذلك، كما قد رواه أيضًا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بدون هاتين الزيادتين: يحيى بن أبي كثير، والزهري، ومحمد بن عمرو بن علقمة.

ب - ورواه شعيب بن الليث [ثقة نبيل فقيه، من أثبت الناس في أبيه. التقريب (٤٣٨)، سؤالات ابن بكير (٥٣)]، وعبد الله بن صالح [كاتب الليث، صدوق، وكانت فيه غفلة]:

<<  <  ج: ص:  >  >>