رجلًا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، أقرئني، قال:"أقرئك من ذوات الحواميم؟ "، قال: يا رسول الله، ثقُل لساني، وغلُظ كبدي، قال:"أقرئك من ذوات {الر}؟ "، فقال له مثل قوله، قال:"أقرئك من ذوات المسبحات؟ "، فقال له مثل قول الأول، فقال:"عليك بالسورة الجامعة الفاذة"؛ فأقرأه: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (١)}، فقال الأعرابي: حسبي! ثم أدبر، وناداه النبي -صلى الله عليه وسلم- فرجع، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اني أمرت بالأضحية؛ فانسك نسيكة يوم الأضحى"، فقال: يا رسول الله، أرأيت إن لم أجد إلا شاة أهلي؟ قال:"لا، ولكن اقصر شاربك وقلم أظفارك؛ فإنه من تمام أضحيتك".
أخرجه الطبراني في الكبير (١٤/ ١٢٢/ ١٤٧٤١)، قال: حدثنا بكر بن سهل به.
قلت: إسناده صالح في المتابعات، ابن لهيعة: ضعيف، يكتب حديثه في الشواهد والمتابعات، وقد تابعه عليه: عمرو بن الحارث، وسعيد بن أبي أيوب، وعبد الله بن عياش.
وشيخ الطبراني: بكر بن سهل الدمياطي: ضعيف، قال الذهبي:"حمله الناس، وهو مقارب الحال" [اللسان (٢/ ٣٤٤)، تاريخ دمشق (١٠/ ٣٧٩)، [راجع ترجمته تحت الحديث رقم (٦٥٢)، وقد تقدمت ترجمته مرارًا].
لكن قوله في هذه الرواية:"عليك بالسورة الجامعة الفاذة"، هكذا مرفوعًا: فإنه لا يصح رفعه، إنما هو موقوف من قول السائل:
قال الرجل: ولكن أقرئني يا رسول الله سورةً جامعةً، فاقرأه:{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ}.
ويبدو أن الوهم في رفعه من بكر بن سهل؛ فإنه قد توبع على أصله، بدون رفع هذه الجملة، كالجماعة:
• فقد رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (٢٦٢)، قال: حدثنا أبو الأسود [النضر بن عبد الجبار: مصري، ثقة]؛ عن ابن لهيعة، عن عياش بن عباس القتباني، عن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد الله بن عمرو، قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، أقرئني شيئًا من القرآن، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أقرئك من ذوات الر؟ "، فقال: يا رسول الله، إني قد كبرت سني، واشتد قلبي، وغلظ لساني، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اقرأ من المسبحات"، فقال الرجل مثل مقالته الأولى، وقال: يا رسول الله، أقرئني سورة فاذةً جامعةً، قال: فقرأ {إِذَا زُلْزِلَتِ} حتى فرغ من آخرها، فأدبر الرجل وهو يقول: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليها أبدًا، ثلاثًا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أفلح الرويجل"مرتين.
قلت: وهذا إسناد صالح في المتابعات.
• ويبقى حينئذ الكلام عن إسناد هذا الحديث؛ ولعلي أنقل هنا بعض ما قلته عن حديث الأضحية في بحوث كتاب الحج، مع زيادات عليه:
قلت: عياش بن عباس القِتباني: مصري، ثقة، روى له مسلم، والأربعة.